مراد بولرباح جاء الدستور الجديد، دستور ينتظر منه الناس الخير الكثير.. ورغم ما جاء به في حلته الجديدة وما رافقه من صخب وهرج ومرج والقول بأنه سيقطع مع العهد البائد لنلتحق بحضارة القرن الواحد والعشرين في رمشة عين، ونعيد ترتيب الإنتقال الديمقراطي على وجهه الأكمل فالأيام تمضي ولا يرى الناس من مستجدات العمل السياسي والحزبي بمراكش إلا الكلام الفضفاض الغزير، والخطب العصماء،والابتسامات الصفراء ولا بوادر التغيير حقيقة تلوح في الأفق..بمراكش أو بجهة مراكش تانسيفت الحوز. فالناس الذين ركبوا قطار الاحتجاجات مع حركة 20 فبراير، وحركة شباب 09 مارس ليطالبوا بإسقاط الفساد لم يروا ولو فاسدا واحدا قد سقط في مراكش، أو بجهة مراكش تانسيفت الحوز، والذي سقط إلى حد الساعة، هو بعض المنازل المهترئة في بعض المدن القديمة العتيقة ، وبعض الشقق المغشوشة هنا وهناك على رؤوس أصحابها وسقوط آمال الشعب أيضا في التغيير.. فالناس لم يسمعوا عن القبض ولو عن لص واحد محترم أكل اليابس و الأخضر، و”تغندر” في يوم وليلة دون سابق إشعار، ولم يسمعوا عن قانون كشف الذمة المالية للمسؤولين، ولم يسمعوا عن مسؤول تائب بادر بالكشف عن حساباته البنكية وحسابات أقربائه داخل البلاد وخارجها، ويبرر للناس مصادرها لتطهير ذمته أو عن منسق جهوي لحزب معين ترك كرسيه للشباب ويكون هذا الكشف على أساس جهاز رقابي فعال ونزيه ومستقل يرضي عامة أطياف الشعب الصامت والمنتظر، وأغلب المسؤولين كما يعلم جل الناس لا يملكون حسابا وحيدا، ومن المؤكد أن لديهم حسابات عديدة في بنوك عديدة.. وإذا كانت هناك قوانين كثيرة أثبتت نجاعتها في كشف الذمة المالية للمسؤولين وأثبتت نجاعتها أيضا في محاربة الفساد ونهب المال العام في دول ديمقراطية كثيرة، فوحدهم الفاسدون عندنا الذين سيماهم في جيوبهم هم الذين يرفضون هذا المنطق، ربما خوفا من ساعة الحقيقة وحتى الفضيحة أيضا على رؤوس الأشهاد يوم تبيض وجوه و تسود وجوه ، بفعل قوة الدستور وربط المسؤولية بالمحاسبة، حين يريد كل واحد أن يجيب على سؤال الامتحان العسير، من أين لك هذا يا سيدي المسؤول المحترم؟، إن كانت من مصادر حلال فبالصحة والعافية والله يبارك فيها.. وإن كانت من المال العام فالشعب يريد الحساب ويريد التغيير.. المؤسف من هذا، أن الفاسدين الذين شعروا بمحاصرتهم والذين استشعروا خطر الغرق مثل فئران السفينة مع الاحتجاجات والكشف الإعلامي و”الفايس بوكي” والضغط الجماهيري هنا وهناك، عوض إعلان توبتهم مبادرتهم نحو التغيير بأنفسهم وكفى المؤمنين شر الاحتجاجات قالوا، ألا إنهم هم المصلحون وباتوا يشهرون عضلاتهم المفتولة على وجوه العامة، وكشروا عن أنيابهم،وأبرزوا مخالبهم وراحوا يكممون الأفواه، “باللحم البرقوق” مرة وب “الكيك والتبرڭيڭ” مرة ثانية ويحيكون الدسائس،والقوالب الإسماعيلية ويؤجرون “الشمكارة” و”الطبالة” و”النفارة” لإشهار حناجرهم في وجوه المحتجين،والساكنة بل ومنهم من يجهز نفسه في تحد مستفز للانتخابات المقبلة وكله أمل في النجاح لأنه يعتقد بأن الشعب لا يزال في “دار غفلون” مستغرقا في دوخته وشخيره وغطيط نومه العميق الأمر الذي سيجعل من الدستور وبعده حتى الانتخابات، التي كثر حولها الكلام والقيل والقال حتى قبل إجرائها، بمثابة ضحك على الذقون لأن الناس يعرفون مسبقا بأنه لن يغير من واقع الفساد والفاسدين سوى إعمال القانون وفتح الملفات ولو جئنا حتى بأرقى دساتير العالم مادام أن في البلاد يد تكد وتبني ، وألف يد تخرب وتنهب في الخفاء. ولا حول ولا قوة إلا بالله.