ظهرت في الآونة الأخيرة في المغرب موجة جديدة من المطالبين بتوسيع الحريات الفردية لتطال جميع القيم التي اعتاد المغاربة على الاعتراف بها كقيم مجتمعية والتمرد ضدها في حالات الإدمان مع الرغبة في الإقلاع عنها ، ومن أهم المطالب الجديدة لأنصار الحريات الفردية في المغرب السماح للمواطن غير الصائم بتناول الطعام نهار رمضان في الشارع العام والمعارضة الشديدة لفتوى رئيس حركة التوحيد والإصلاح أحمد الريسوني بتحريم ولوجالمتاجر التي تبيع المشروبات الكحولية أمام الملأ . فضلا عن ذلك دخلت مطالب أنصار الحريات الفردية ميدان المبارزة السياسية المباشرة بعد محاولات عمدة فاس الاستقلالي حميد شباط إغلاق محلات بيع الخمور المستقطبة للشباب والقاصرين على حد تعبيره . وقد أخذ الموضوع الحريات الفردية أبعاده السياسية عندما دخل أعضاء حزب الأصالة والمعاصرة الذي أسسه كاتب الدولة في الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة على خط المواجهة ضد فتوى عالم المقاصد المغربي أحمد الريسوني بتحريم التسوق في الأسواق " الممتازة " بدعوى عرض الخمور أمام الملأ وتأثيره في وعي المغاربة كمسلمين يخضعون لنظام إمارة المؤمنين والذي يمتح مشروعيته من النسب النبوي والتاريخ المغربي . وبعد صدور الفتوى انتقدت رئيسة بيت الحكمة اليسارية السابقة والعضو في حزب الأصالة والمعاصرةفتوى الريسوني واعتبرتها إجهازا على حق الإنسان في اقتناء منتجات تم الترخيص ببيعها في الأسواق " الممتازة " ، وفي مدينة المحمدية ( شمال المغرب ) واجهت السلطات الأمنية وقفة احتجاجية لأنصار حزب العدالة التنمية الإسلامي دعوا فيها إلى إلغاء رخصة بناء سوق " ممتاز " جديد بدعوى قربه من محلات سكن فقراء لا يتوفرون علىالقدرة الشرائية للتسوق في ذلك النوع من الأسواق وتأثير ذلك على العائلات التي تعتمد على الأنشطة الاقتصادية الموازية كمصدر لمعيشتها ، وكذلك بدعوى كون اقتناء تلك المنتجات من قبل أبناء الفقراء يساهم في تعميق انحرافهم الأخلاقي وما يتبع ذلك من صنوف الإجرام والقتل المجاني . ولقد دخل الموضوع أبعاده القانونية بعد اعتقال أحد موزعي فتوى الريسوني ومحاكمته بتهمة توزيع منشورات دون ترخيص قانوني . وفي الأسبوع الماضي أعلن عمدة مدينة فاس حميد شباط عن فاس ثالث مدينة مقدسة في العالم الإسلامي بعد مدينتي مكةالمكرمة السعودية والقدس المحتلة الفلسطينية ، وبدعوى قداسة فاس نذر شباط نفسه مدافعا عن حرمة المدينة المغربية وذلك بعرض قرار إغلاق محلات الاتجار بالخمور والمخدرات وحبوب الهلوسة والتي تعرض بضاعتها للقاصرين وتلاميذ مدارس المدينة العتيقة ، وبرر شباط ذلك بتأثير تلك المتاجر في التحصيل العلمي للقاصرين وكذلك زعزعة أمن المدينة التي تعتمد على مداخيل الأنشطة السياحية بشكل رئيسي . ودخل شباط في صراع مع مستشاري حزب الأصالة المعاصرة - والذين ينتمي أغلبهم لتيارات يسارية سابقة تدعوا إلى قلب نظام الحكم بالمغرب – إذ اتهمهم بعرقلة سير أشغال الدورة العادية لمجلس المدينة ، واتهم مستشاري الأصالة والمعاصرة بالاستفراد بالقرار دون تداوله مع مختلف المكونات السياسية الممثلة لمجلس المدينة . وفي سياق ذي صلة اتهم شباط وكالة الأنباء المغربية الرسمية بالانحياز لحزب الأصالة والمعاصرة بعد تغطية الوكالة لوقائع مجلس المدينة دون عرض وجهة نظر الطرف الآخر والتغاضي عن تغطية أنشطة الوزير الأول الاستقلالي عباس الفاسي . وتجدر الإشارة إلى أن الصراع حول موضوع الحريات الفردية في المغربابتدأ في شهر رمضان الماضي بعد تنظيم إحدى الصحفيات العاملات بجريدة فرانكفونية تصدر بالمغرب لحفل غذاء مع مجموعة من الشبان انطلاقا من حرية الإنسان في الاعتقاد من عدمه ، واعتبر المحافظون القرار استفزازا لمشاعر المغاربة وعدم الالتزام بضوابط الستر في ممارسة حرية تعتبر شاذة في مجتمع إسلامي .