أطراها بكلمات الحب و الغزل و أغرقها وعودا و أماني وردية ، ثم تزوجا على أصدق العزائم و الأمنيات، ثم أنجب منها أبناء و بنات و بعد ذلك ألقى بها في القمامة كنعل بال لا يصلح لشيء، وتزوج الثانية و الثالثة و الرابعة ، أليس الله تعالى من أباح له التعدد ؟ أليس هو القائل سبحانه :( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع ...) ؟ الفهم السيئ للدين : يعتقد كثير من الرجال أن المرأة كأي منتوج له مدة صلاحية معينة ، و إذا انتهت مدة صلاحيتها وجب تغييرها بأخرى جديدة ، فالمرأة الأولى يتزوجها عندما يبدأ مشوار حياته ، فتشاركه حلو الحياة و مرها و تدعمه و تشد عضده و تؤازره بنفسها و مالها حتى إذا اشتد عوده و استوى على ساقه و صنع مكانة له في المجتمع رماها و بدأ رحلة البحث عمن تليق بمستواه الجديد و تناسب وضعه الاجتماعي الراهن . ومن الرجال من يسلك منهج التعدد لكسر شوكة المرأة و ارغام أنفها ، لأنه لا يذل المرأة إلا الضرة و بالتالي فهو يعتبر التعدد وسيلة فعالة في إعادة تربية المرأة و تعليمها كيف تهتم بزوجها و تتنافس في إرضائه بكل الوسائل . و الأدهى و الأمر أن تجد طائفة ممن يعتقدون جازمين أن من تمام سنة النبي صلى الله عليه و سلم أن يتزوج الرجل بأربعة نساء و أن يكثر من نسله لأن الرسول صلى الله عليه و سلم أمره بتكثير سواد الأمة كي يباهي به الأمم يوم القيامة ، و هو لا يدري أن الكثرة المقصودة في الهدي النبوي هي الكثرة النوعية التي تشكل الجيل المسلم القوي بدينه و علمه و أخلاقه و الذي به تبنى المجتمعات و تنافس نظيراتها في هذا الوجود لا الكثرة الغثائية العاطلة و المجردة من كل علم أو هدى أو خلق . أمام كل هذه التصورات العدمية لطبيعة المرأة وما خصها به الله تعالى من مكانة و قدر، تضيع رسالتها السامية لتتحول إلى متمردة ساخطة على الواقع وعلى الدين وعلى كل شيء، تطالب بمساواة لا تناسب كينونتها كامرأة، وما أنزل الله بها من سلطان...أو سلعة بخسة الثمن في سوق النخاسة أو في واجهات الشركات والمحلات التجارية أو أمية قابعة في غياهب الجهل، مستسلمة لواقع نتن تحسبه قدرها الذي قدره الله عليها - وما الله بظلام للعبيد- فتخنع وتطيع وفؤادها منكسر وأحاسيسها ممزقة. واستوصوا بالنساء خيرا : إن أشد شيء إيلاما على المرأة / الزوجة أن تأتي أخرى جديدة تشاركها زوجها و حبيبها الذي أسكنته شغاف قلبها منذ أول يوم طرق الباب لخطبتها فأحست معه بالأمان و أعطته كل ما تملك و هانت عليها كل الصعاب في سبيل راحته و هنائه ، و بالمقابل نرى أن بعض الرجال المتسلطين و الأنانيين لا يقيمون لهذه المشاعر أي اعتبار ، و كل ما يشغل بالهم هو تحقيق رغباتهم و لو على حساب تلك المسكينة التي يتركونها كالمعلقة مبررين نزواتهم بشرع الله الذي لم يفهموا له معنى و لا مقصدا . إن تعدد الزوجات في شريعة الإسلام حل استثنائي لحالات استثنائية، ما هو أصل وقاعدة. فإن استغل بعض الرجال هذه التوسعة الشرعية ليشبعوا أنفسهم لذة ويشبعوا النساء ظلما فالحيف منهم لا من الشريعة. ومن كان يظن أن من تمام السنة أن يتزوج مثنى و ثلاث ورباع فليعلم أن نبينا محمد صلى الله عليه و سلم لم يتزوج على أمنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها حتى ماتت و قد أرخت لنا كتب السيرة مقدار الحب العظيم الذي كان يكنه لها حتى بعد وفاتها ، و ما زواجه بالأخريات رضي الله عنهن أجمعين إلا لمصالح الدعوة و تثبيت دعائم هذا الدين و تنفيذا لأوامر الله عز و جل . و أختم كلامي هذا بنداء لكل أخواتي الزوجات فأقول : كوني له أربعا يكن لك وحدك ، و السلام .