كان هذا عنواناً لمقال الأمير هشام الملقب بالأمير الأحمر وأنا متفق معه الى أبعد الحدود لأن الوضع في المغرب وصل الى درجة غير مسبق من التدهور بات معه من الصعب تدارك الوقت الضائع في سياسات ترقيعية لا تغني ولا تسمن من جوع ويمكن استعراض مظاهر التأزم فيما يلي : في المجال السياسي، حاول النظام السياسي تسويق ما يسمى ظلماً وبهتاناً ب "الانتقال الديمقراطي" الذي راوح مكانه إن لم يكن تراجع الى الوراء وتحول الى نظام شبه دكتاتوري. فالبرلمان الذي مفروض فيه تمثيل الشعب يأوي انتهازيين ووصوليين وأميين وتجار مخدرات حسب تصريح عضو بارز في الاتحاد الاشتراكي. وتم دق جرس الانذار بهذا الخصوص في آخر انتخابات تشريعية بتسجيل مشاركة بنسبة 24% حسب مصادر رسمية. مع الاشارة أن نسبة المقاطعين وغير المسجلين ممن لا يحملون بطاقات هوية عالية جداً. بأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار، تنزل النسبة المشار اليها الى دون أحسن الأحوال نسبة 12%. ثم هناك انتخابات جماعية تعتبر استثماراً مربحا لكل السماسر الأميين الذين يتصارعون من أجل الفوز بمقعد مستعملين في ذلك المال الحرام. وبمجرد انتهاء التصويت والاعلان عن النتائج، يشرع الفائزون في عملية البيع والشراء لاسترجاع ما صرفوه فضلا عن تحويل كل ميزانيات المقاطعات التي يشرفون عليها الى جيوبهم. وللتأكد من ذلك، تكفي جولة سريعة في المدن والقرى المغربية التي تشبه مناطق منكوبة تعرضت لقصف جوي أو كارثة طبيعية، بينما تعرضت في الحقيقة الى كوارث بشرية. في المجال الاجتماعي، هناك انتشار واسع للجريمة. فالمواطنون يشتكون من غياب الأمن، حيث يتعرضون لاعتداءات بأسلحة بيضاء جهارا نهارا. هناك أيضاً تدهور غير مسبوق في التعليم. فمستوى التلاميذ ضعيف جدا إلا المحظوظين الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في القطاع الخاص ناهيك عن الهدر المدرسي الذي يتجاوز نسبة 50 % أو أكثر بسبب انسداد الأفق وعدم استطاعة الأسر المعوزة تحمل مصاريف الدراسة المرهقة. من ثم لا تتجاوز نسبة الحاصلين على شهادات عليا من الذين تمدرسوا نسبة 10% والذين يعانون رغم قلة أعدادهم من بطالة مزمنة. ومن بين أسباب تدني مستوى التعليم ضعف تكوين المدرسين وطريقة انتقائهم العشوائية القائمة غالبا على الزبونية والمحسوبية. كما يلاحظ مؤخرا ارتفاعا مهولا في الدعارة مدفوعا بسياسة سياحية حولت المغرب الى ماخور يقصده كل من يرغب في اشباع رغباته الجنسية الشاذة. لكن أبرز تجليات التدهور الاجتماعي تتمثل في الفقر الذي تجاوز نسبة 25% حسب دراسة معهد اوكسفورد للتنمية البشرية، أي أن هذا الرقم أعلى بكثير مما هو مسجل في تونس. وفي نفس السياق، عرت الجزيرة واقع البؤس في ضواحي مدينة صفرو، حيث يفتقر الناس الى أبسط ضروريات العيش. لم يتأخر رد النظام باتخاذ قرار باغلاق مكتب الجزيرة بعد ذلك بقليل. إنهم يريدون قناة تطبل وتصفق لمشاريع تدشين صنابير المياه ودور الطلبة والطالبات. في المجال الاقتصادي، مازال اقتصاد الريع هو المسيطر الى جانب سياسة الاحتكار المنتهجة، مما يترتب عنه ارتفاع قياسي في أسعار كثير من المواد الأساسية. هذا بدوره يؤدي الى تآكل القدرة الشرائية للمواطن المحدود الدخل والضعيفة أصلاً. فيما يتعلق بالبطالة، فإنها تتجاوز نسبة 24 % استنادا الى أرقام غير رسمية دون احتساب أولئك الذين يمارسون نشاطات بسيطة ولا يحتسبهم "النظام" معطلين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أن نهب ثروات البلاد في تصاعد مستمر وآلة التفقير المخزنية ماضية في سحق الفقراء دون رحمة. ورغم الحجم الهائل للتدهور الاجتماعي، فان المغرب يعتبر من أغلى البلدان عربياً. فأسعار العقارات خالية بسبب مضاربات مقربين من القصر حسبما كشفته وثائق ويكليكس. وبات من الصعب على أفراد الطبقة الوسطى امتلاك مسكن في ظل كذا ظروف مع العلم أن هذه الطبقة في تناقص مستمر نتيجة السياسة المتبعة. فأصبح المتجمع تقريبا يتكون من قارونات جدد راكموا ثروات طائلة بامتصاص دماء الشعب وفقراء مسحوقين. في المجال الحقوقي، تم تسجيل تراجعات عن مجموعة من المكتسبات أبرزها عدم الكشف عن مصير مجموع من الحالات بالاضافة الى المحسوبية في جبر الضرر، فالتعويضات لم تمنح بكشل متناسب مع الضرر، كما أن الدولة باعتبارها المسؤولة عن الانتهاكات لم تقدم اعتذاراً علانيا للشعب واستمرار الجلادين في ممارسة مهام رسمية عوض محاكمتهم عن جرائمهم. ويلاحظ عودة الاختطاف والتعذيب استنادا الى تقارير منظمات حقوقية وطنية ودولية فضلا عن اللجوء الى القوة المفرطة في التعامل مع احتجاجات صفرو وسيدي ايفني والعيون. في مجال الاعلام، تم تسجيل تصاعد في وتيرة التضييق على الاعلام المستقل باصدار عقوبات سالبة للحرية في حق عدد من الصحفيين وتسخير القضاء لتصفية الحسابات مع بعص المنابر الحرة. يريد النظام لآلته الدعائية أن تعمل لوحدها متناسيأ بأن زمن احتكار المعلومة قد ولى الى غير رجعة وأن الناس تعيش في القرن الواحد والعشرين وأن لا مقدس إلا الله. وجاء اغلاق مكتب الجزيرة بالمغرب ليجهز على ما تبقى من حرية ويظهر مدى ضيق الدولة من الرأي المخالف. كل ما ذٌكر يجعل المشهد المغربي قابل للانفجار في اي لحظة. ما هو ناقص لحد كتابة هذه الأسطر هو عود الثقاب إلا في حالة حدوث معجزة لأن للصبر حدود وللظلم أمد وللظالم يوم وللاستبداد أجل. نرجو أن يستوعب "النظام القائم" الدرس والتحرك بسرعة قصوى لأنه قتل فينا أي أمل في الحياة وأكبر إهانة وجهنا إلينا هي تعيين رجل نصب على أكثر من 32000 شاب معطل دون أن يُحاسب هو ومن يقف ورائه. أليس من حقنا أن نعيش حياة كريمة في مجتمع ديمقراطي حقا تسوده العدالة الاجتماعية ويحكمه القانون دون استثناء لأي كان. قريبا ستدق ساعة الحقيقة. ربما يبدو للنظام أن أوضاعه مستقرة وأنه مسيطر على زمام الأمور، كما تبين ذلك من قبل لزين العادبين بن علي أو حسين مبارك الذي كان يقول بأن ما حدث في تونس لا يمكن أن يحدث في مصر. إن القبضة الأمنية التي يعتمد عليها "النظام" لا تكف لتكريس سياسة قائمة على الظلم والفساد والافساد وإن نجحت في فرض الاستقرار، فانه يكون سطحي وينهار مثل قصر من ورق عند أول هبة شعبية. من كان يتصور أن يسقط نظام زين العابدين بن علي؟ إن الشعب يريد حياة كريمة وديمقراطية حقة وعدالة وتوزيع عادل للثروات. هي مطالب بسيطة يجب على النظام الاستجابة لها اليوم قبل الغد غير ذلك لن يكون إلا صب مزيد من الزيت على النار لأن طاقة تحمل الظلم محدودة. ويمكن للانسان الصبر على الفقر إذا كان قدراً لكن لا يمكنه ذلك إذا مقروناً بالظلم والفساد. لأن الفقر في المغرب هو نتيجة احتكار السلطة والثورة. إذن الدرس بليغ لمن ألقى السمع. فهل من مستجيب؟ [email protected]