في كل مرة تتهاطل فيها أمطار الخير والبركة على ربوع وطننا، تتحول بشائرها إلى نقمة على المواطنين بسبب ما تخلفه من كوارث ومآسي في المد اشر والقرى والمدن الكبيرة والصغيرة، وفي الأحياء الهامشية والراقية...فالتساقطات المطرية التي همت البلاد بداية هذا الأسبوع، كشفت عن هشاشة فظيعة في بنياتنا التحتية، فالقنوات عجزت عن استيعاب كميات الأمطار المتساقطة، والسيول جرفت البشر والحجر والشجر..والطرق المعبدة حديثا، انهارت بمجرد استقبالها لقطرات المطر الأولى في انتظار إعادة ترقيعها من جديد، ومناطق تقطعت أوصالها وأصبحت معزولة وكأنها تعود القهقرى إلى زمن القرون الوسطى، وأحياء ومدن بكاملها تحولت إلى برك وأوحال وأودية يستحيل عبورها، ودور بدأت في التمايل بمجرد ما بللتها قطرات الغيث الأولى، و تنتظر دورها كي تتهاوى فوق رؤوس ساكينها. وبقدر ما نشفق لحال البلاد والعباد من "تعسف" هذه التساقطات، بقدر ما نشكرها، لأنها أماطت اللثام عن واقعنا المتردي، وكشفت عن هشاشة مخططات التنمية المحلية، ووضعت أغلب الجماعات المحلية قروية وحضرية، وبعض القطاعات الحكومية المعنية، موضع تساؤل، فالمادة 39 من الميثاق الجماعي، في فقرته الرابعة، يضع على الجماعات المحلية مسؤولية انجاز أو المساهمة في تنفيذ التجهيزات والمنشآت المائية المخصصة للتحكم في مياه الأمطار والوقاية من الفيضانات وتهيئة الشواطئ والممرات الساحلية والبحيرات وضفاف الأنهار الموجودة داخل تراب الجماعة، ولكن لمن تحكي زابورك يا داوود؟! وبما أن مسؤولينا قد استسلموا ورفعوا أياديهم عن كل إصلاح جاد وحقيقي، فإنني أتطوع لأقدم لهم اقتراحين اثنين للخروج من هذه الورطة، وعليهم أن يأخذوا بأحدهما. الاقتراح الأول، هو أن يعملوا على تحويل هذه المستنقعات والبرك المائية إلى مزارع للأرز، ولمعلوماتهم فان الأرز ينمو جيدا في التربة المغطاة بطبقة من المياه التي تستطيع أن تحول هذه التربة إلى مادة طينية ناعمة، وزيادة في الفائدة، أخبرهم أن هناك إمكانية لتربية الأسماك في حقول الأرز المعروفة بإنتاج "البلانكتون" وبكميات وافرة، مما يجعلها خصبة ومصدر جيد للسمك، الأمر الذي سيساعد على إنتاج بروتين إضافي. ومن شأن هذا المقترح أن يؤهل بلدنا لولوج نادي كبار منتجي الأرز في العالم. الاقتراح الثاني، عليكم يا سادة، أن تبحثوا عن حل يضع حدا لتهاطل الأمطار ، وبما أن المطر أصبح عدوكم الأول، لأنه يفضح هشاشة منجزاتكم، أنصحكم أن تدعوا الله أن يجنب بلدنا قطرات المطر، على الرغم من سنواتنا العجاف.