جلالة الملك يهنئ بابا الفاتيكان    أمطار قوية وثلوج ورياح عاتية.. نشرة إنذارية باللون البرتقالي تهم عدة مناطق بالمملكة وهذه مقاييس التساقطات    المغرب في صدارة دول شمال إفريقيا في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2025    هذه نسبة ملء السدود الواقعة بجهة الشرق    ميناء طنجة المتوسط يجذب "ميرسك" ويعزز مكانته كمحور لوجستي عالمي    أزيد من 25 مليون مصل في المسجد الحرام خلال العشرة الأولى من رمضان    العصبة الاحترافية أنفقت أزيد من 24 مليارا في 2024.. والرجاء البيضاوي في مقدمة الأندية الأكثر حصولا على المنح    نشرة إنذارية.. أمطار قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح من الخميس إلى السبت بعدد من أقاليم المملكة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    يسار يعرض "لمهيب" في مركب محمد الخامس    برنامج إعادة إعمار إقليم الحوز يحقق تقدما ملموسا    المحكمة الدستورية تؤكد دستورية القانون التنظيمي رقم 97.15 لتنظيم حق الإضراب    اضطراب حركة الملاحة البحرية بين طريفة وطنجة بسبب سوء الأحوال الجوية    مدير إقليمي يرد على وزير التربية الوطنية بعد قرار إعفائه    المغرب يواصل البحث عن "النفق السري" نحو سبتة باستخدام أجهزة استشعار وكاميرات    السعودية تسعى لإنشاء مختبر للكشف عن المنشطات والمحظورات في المنافسات الرياضية    حماة المال العام يستنكرون محاولة منع النيابة العامة من تحريك الأبحاث القضائية في جرائم الفساد    "ماتقيش ولدي" تدخل على خط مقتل واغتصاب طفلة على يد عمها وتطالب بقوانين صارمة لحماية الأطفال    مطالب للداخلية بالتحقيق في توزيع جمعية مقربة من "الأحرار" للمساعدات باستعمال ممتلكات الدولة    عدوى الحصبة تتراجع في المغرب    سطات.. تأثير إيجابي للتساقطات المطرية الأخيرة على المزروعات والغطاء النباتي    القمر يتحول كتلة حمراء بفعل خسوف كامل مرتقب ليل الخميس الجمعة    زيارة روبيو الأولى لأمريكا اللاتينية تعكس استبداد الولايات المتحدة وقلقها    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    كورتوا يرد على سيميوني: "سئمنا من البكاء المستمر ولعب دور الضحية"    الجيش الملكي يوضح حالة مصابين    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    تعميم المنصة الرقمية "زيارة" على كل المؤسسات السجنية    بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى حاملة رسالة إلى جلالة الملك من رئيس بلادها    الاحتراق الإبداعي..    "حماس" ترحب بتراجع ترامب عن دعوة "تهجير سكان غزة"    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    افتتاح فعاليات النسخة الثانية من "Les IndustriElles" بالبيضاء    بوعدي لاعب ليل لازال حائرا بين المنتخبين المغربي والفرنسي    ارتفاع أسعار الذهب    لعيوب صناعية.. شركات في كوريا تسحب أكثر من 15 ألف سيارة    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    الصين: بكين تطلق دفعة أولى من 30 قاعدة تعليمية لممارسة الابتكار    المضيق-الفنيدق: حجز أزيد من 640 كلغ من المواد الغذائية الفاسدة    رسميًا الزمالك المصري يعلن تفعيل بند شراء محمود بنتايك    بوحموش: "الدم المشروك" يعكس واقع المجتمع ببصمة مغربية خالصة    أوراق من برلين .. قصة امرأة كردية تعيش حياة مليئة بالتناقضات    الفيفا … الاتحاد الذي لا يعرف الأزمات … !    الأمم المتحدة تحذر من موت الملايين من الناس جراء نضوب المساعدات الأمريكية    هذا ما صرح به الهيلالي للصحافة الإسبانية: رفضت البارصا مرتين و « سأكون أسعد شخص في العالم إذا تلقيت دعوة اللعب مع المغرب »    الدوحة… التأكيد في اجتماع اللجنة الخماسية والمبعوث الأمريكي ويتكوف على مواصلة التشاور بشأن خطة إعادة إعمار غزة    ترامب يتراجع: لا أحد سيقوم بطرد أي فلسطينيين من غزة    وزارة الثقافة تفرج عن نتائج جائزة المغرب للكتاب    من الخليج إلى المحيط… المَلكيات هي الحلّ؟    13 مليون مشاهد خلال الإفطار.. تفاعل قوي للمغاربة مع برامج رمضان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوتوا على المطر..
نشر في المساء يوم 29 - 12 - 2009

عام سعيد جدا هذا الذي سنودعه، وعام أسعد ذاك الذي سيأتي. ومن علامات السعادة كلُّ هذه المدن الغارقة في الماء، والشوارعُ التي تتحول إلى أنهار مع أول زخة مطر.
وفي كل الأحوال، فإن المغاربة يحبون المطر، رغم أن قلوبهم أصبحت تدق بسرعة بمجرد أن تجود السماء بقطرات المطر الأولى.. يحبونه ليس لأنه يغرقهم، طبعا، بل لأنه يفضح الكثير من الأشياء في أجمل بلد في العالم.
المغاربة، وهم يودعون عاما ويستقبلون آخر، يحسون بأن مشاعرهم كلها مع المطر لأنه أكثر الكائنات صدقا وشفافية. وبعد أن انزوت الأحزاب وباع السياسيون «الماتش» وتوارى المثقفون في زواياهم المظلمة وتكفل علماء الدين بفتاوى جواز شرب الخمر وأفلام الخلاعة وزواج بنت التاسعة، فإن المطر ظل وفيا لصراحته وصار يتكفل، كل عام، بتقديم تقرير شامل إلى الشعب المغربي، وهذا التقرير يقول: المغرب بلد يسير بالبركة والألطاف الإلهية أكثر مما يسير بالسياسات والمخططات. أما الدليل على ذلك فهو أن المطر يهطل بقوة لساعة أو ساعتين، وعندما يكاد الناس يغرقون، فإنه يتوقف وكأنه يقول للبشر إن العبرة من سقوط الأمطار هي أن يستفيقوا ويحاسبوا مسؤوليهم وسياسييهم على الأكاذيب والاختلاسات.
والغريب أنه في كل مرة تغرق فيها مدينة أو قرية بسبب المطر يقول الناس: «ياااه.. لو استمرت هذه الأمطار لساعة واحدة أخرى لغرق كل شيء». الناس يعرفون، إذن، طيبوبة الأمطار التي لا تستمر كثيرا لأنها لا تريد أن تلحق بهم الكثير من الأذى، إنها تريد تنبيههم فقط، تماما مثل الشخص الذي يكون مغمى عليه ويفرغون على رأسه سطل ماء حتى يستفيق، لذلك فإن الشعوب المغمى عليها تحتاج إلى سطل ماء «سماوي» حتى تستيقظ.
المطر يهطل بغزارة لأنه يريد أن يقول لنا: استيقظوا وحاسبوا كل الذين يكذبون عليكم ويقولون لكم إن هناك بنيات تحتية جيدة في المدن. ارفعوا أصواتكم غاضبين لأنكم لستم قطعان ماشية بل آدميون بكرامتكم التي يجب أن تصونوها وعقولكم التي يجب أن تفكروا بها. ابحثوا في الأرقام التي توجد في الأوراق، والتي تبلعونها بلا محاسبة بعد أن يقول لكم سياسيوكم إنهم صرفوا الملايير من أجل البنيات التحتية، فتتقبلون ذلك وكأنه وحي منزل من السماء، بينما كان من المفروض أن تبحثوا وتتأكدوا مما إن كان ذلك حقيقة أم وهما.
المطر الشهم، الذي يغرقنا قليلا ثم يتوقف، يريد منا أن نفتح عيوننا على هذه الفوضى العارمة في التسيير، وهذه الملايير الكثيرة التي يتم صرفها في مشاريع وهمية أو بلا معنى. يريد منا أن نكون شعبا يحاسب مسؤوليه وليس مجرد أفواه مفتوحة تأكل وتقول آمين، وعندما نموت في الفيضانات والكوارث يعزي بعضنا بعضا ونعتبر ذلك قضاء وقدرا.
المطر الذي ينزل غزيرا ثم يتوقف شفقة علينا، يريد منا أن نحاسب كل أولئك المافيوزيين الذين سمحوا ببناء أحياء عشوائية في الأودية والمنحدرات ومنعوا مياه المطر من سلك طريقها الطبيعي نحو الأنهار أو نحو البحر. يريد منا المطر أن نعترف له بأنه ليس مسؤولا عن اكتساح المياه للمنازل والطرقات، وبأن المسؤولين الحقيقيين هم الذين حولوا الأرض إلى مزارع للعمارات والمشاريع المشبوهة وبنوا قنوات ضيقة جدا تحت الأرض لتسلكها المياه، وحرموا المطر من قنواته الطبيعية التي كان يسلكها منذ آلاف السنين.
المطر يريد أن ينبهنا إلى حجم الاختلاسات في هذا البلد منذ الاستقلال وإلى اليوم. إنه يدفعنا إلى طرح ذلك السؤال الكبير: لماذا اختلست ونهبت ميزانيات وأموال ضخمة كان من الممكن أن يتحول بها المغرب إلى جنة، بينما مسؤولونا يتهمون المطر بجلب المشاكل مع أنه لم يختلس يوما ولو درهما واحدا من جيوب المغاربة؟
المطر ضميرنا الحي الذي يصفعنا ويصرخ فينا قائلا: استيقظوا أيها المغفلون وانظروا ما يفعله بكم الذين ينهبونكم. افتحوا عيونكم وانظروا أين تذهب ضرائبكم وأموالكم.
المطر الذي نغتاظ منه ونطلب من الله أن يوقفه لأننا نخاف منه، هو في الحقيقة أعز أصدقائنا وحبيبنا وزعيمنا الذي لن نرضى عنه بديلا.
حبيبْكم مينْ؟.. المطر.
زعيمْكم مينْ؟.. المطر.
إذن.. صوتوا على المطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.