نورالدين البيار – نبراس الشباب: المطر هذا الزائر الجميل والمشاغب أحيانا، الفلاحون يحبونه بجنون ويستبشرون بقدومه خيرا، تراهم يهللون فرحين رافعين أكفهم لشكر الله على نعمته، لكن أهل البلدية وأعضاء الجماعة بوجه خاص ينزعجون كثيرا لقدومه، فهو مفتش لا يعرف المساومة، فهو سبب رئيس في كشف اختلالات الميزانية كل عام من خلال تصوير الحقيقة التي تخفيها التقارير، المطر، أيها الرائع في تشرين! أيها المسالم المشاغب والمتمرد رغم أنف المرتشين. المطر يجعلنا دائما نشعر بإحساس غريب، ربما لأنه زائر موسمي أو مختلف فهو كما قال السياب في أنشودته الشهيرة:”بلا انتهاء كالدم المراق كالجياع كالحب كالأطفال كالموتى هو المطر ” له ترفع المطريات إن وجدت لزاما، تسيل الوديان والمجاري يتحرك البحر، تلغى بعض الرحلات وتؤجل أخرى، يرتدي البشر أتقل ملابسهم ثم يهرولون، تغلق النوافذ والشرفات وتعقد اجتماعات ويعلن البعض حالة الطوارئ، والبعض يطلب ميزانية أخرى لإصلاح المواسير. تغلق أبواب وتفتح أخرى، لأجله يخلى سبيل الثياب المعلقة على حبل الغسيل، حتى إشعار آخر، ترتاح الغابة من شغب بعض الزائرين، والشاطئ رماله تنادي الشعراء والمبدعين، المطر مليئة سماءه بالسحاب وليله طويل، قصائده جميلة وقصصه رائعة، يطهر الأرض ويبعث السكينة والرهبة في قلوب المخلصين. لذلك هو محبوب، أحبك جدا أيها المطر، فلاح أنا في حبك إلى درجة الجنون، أحبك وأكرههم بشدة لأنهم منافقون، يتهمونك وهم المذنبون، من شق هذا الفج ومن أسقط حائط المدرسة القديم؟ الفج ذاك مكانه والحائط منهك منذ سنين، ألم تروه؟ أنا رأيته رغم أني كنت طفلا، وكان هو شيخا في التسعين!! ينادي وينادي، متعب مريض، منهك، لكن لا تجيبون، كنتم منشغلين بأروقتكم في دروب المستقبل المجهول وتناسيتم الحاضر المأمول، كم كنت غبيا عندما صدقت كلامكم، الجو مكفهر وينذر بالأسوأ!! لم يكن الجو مكفهرا قط بل كان مبتسما ككل شتاء وكنتم الأسوأ في تاريخ المطر، كنتم أكثر قتامة من ظلمة الليل، الأكثر غموضا، والأكثر تحايلا، يهطل المطر تبلل الثياب، تأوي الطيور إلى أوكارها تخرج الذئاب من غيرانها، يعاد اكتشاف الأخطاء التي ارتكبت في الأيام المشمسة، في جو صاف غير ماطر! حتى لا يتهم المطر مرة أخرى بتهمة، وخطيئة بشرية لم يرتكبها، ومشاكل لا حصر لها، لم يسببها بل قد يساهم في حلها، لوحات كثيرة يرسمها فنان غير عادي لوحات لا حصر لها نعيشها كل يوم، يرسمها المطر بريشة صادقة وألوان، لا تقبل المحو أو النسيان. [email protected] للتواصل مع الكاتب