لا شيئ يدغدغ مشاعري أكثر من رؤية وزير حكومي على بلاطو البرنامج الشيق حوارالذي يديعه من خلف سماعة التعليمات الصحفي الألمعي مصطفى العلوي , وأحيانا يخال لي أن أشهى و أحلى وليمة تقدمها التلفزة المغربية للمواطن المغربي المقهور لا تنحصر فيما تعده الحادقة شوميسة من أطباق ملاح في برنامجها الخاص بالطبخ، بل تتعداه إلى هؤلاء الوزراء الجهابدة الذين أتقلتهم الذهون و الشحوم ،عندما يتم تقديمهم للمشاهد فوق صحون من طين مع أجود البهارات، و في حضرة طباخ يقام له ولا يقعد كمصطفى التلفزة عليه السلام . وليس هناك أكتر إثارة للغيرة على الوطن من رؤية هؤلاء الكائنات المتلفزة عندما يشرعون في إطلاق الحناجر وتقطيب الحواجب والضرب على الطاولات بعد متم كل سؤال، ليدافعواعن عادتهم في تغيير المواقف وطريقتهم الواعدة في طبخ الولائم السياسية دونما درة من خجل. فبئس الحناجر وبئس حديث الطناجر. و لا أخفيكم أني متيم بالبرنامج الشيق حوار ولا تفوتني أبدا حلقاته التي أحب أن أتفرج عليها عادة رفقة خالتي يامنة وهي أيضا من المعجبين بصنطيحة مصطفى وبكل ظيوفه الكرام ، حتى أنها أطلقت على البرنامج الرجل العنكبوت ربما لأن صاحبه يخرج الكلام من فمه كما تلقي العنكبوت بخيوطها فيعلق بها ما شرد من دباب وبعوض. وهذه الأيام قدم البرنامج الشيق لمسقط الطائرات كعادته المميزة في إعداد الشهيوات السياسية للمشاهد المغربي المقهور طاجينا شهيا من لحم دلفين منقوع في الماء الساخن بقشور الحامض، ورغم أني لست من أنصار جمعيات الرفق بالدلفين ولا علاقة تربطني بالشقراء الحنونة بريجيت باردو ولا بكوسطو، فقد رق قلبي لحال هذا الدلفين الذي ظل لسنوات يناور بزعانفه ويتنفس في الأعماق ،وهاهو الآن يقدم للمشاهد وسط البلاطو مطهوا لا بطل، بعد أن سلخوا عنه فروته الناعمة واقتلعوا منه سلسوله وحشوا عينيه بالليمون على طريقة الإتيكيت في تقديم و تزيين الأطباق. في تقديم الطبق (البلاطو)قال مصطفى مضمرا للمشاهد : هاهودا من قال يوما يجب الإنسحاب من حكومة عباس ويجب ما يجب.. أن نعانق هموم إخواننا في اللحي ... ها البلا قد استوزر، وتعلق قلبه شغفا بالكرسي ونعم ما أخد فسبحان مبدل الديكور، هاهو يظهر في الطاجين منقوعا بأجود البهارات مرفقا بأحلى سلطة لفتح الشهية . خدوا الشوكة في اليمنى و السكين باليسرى . كلوه أكرمكم الله بالمهل، و إياكم تم إياكم (إياكتان) أن يعلق لكم شوكه في الحناجر. رق قلبي لمنظر الدلفين المنقوع وقد تحولقت عليه شوكات المشاهدين من كل زوايا الطبق تبغي إلتهامهم،تأهبت للبكاء... وإذ بشاعر من أزمنة الصعاليك يطرق خاطري خد عني هذا البيت ولا أسفا: وكل كليبي صفيحة وجهه أذل لأقدام الرجال من النعل