ما شعب أسعدَ من شعبي، ولا أمة أهنأ من أمتي، لا رجل ولا امرأة ولا شاب ولا صبي ولا رضيع ولا حتى جنين أرفع ولا أفرح من مغربي، فمهرجاناتنا كثيرة و مناسباتنا عديدة وأفراحنا دائمة متواصلة، حتى صرنا مثلا وقدوة و أسوة للمحرومين ونموذجا للباحثين عن سعادة الشعوب، لا يمر علينا يوم إلا ولنا احتفال أو مهرجان أو سهرة تذاع للعيان، بل قد أحيت حكومتنا ما درس من مزارات للأولياء واحتفالات بالشخصيات ليبقى للشعب العزيز الاحتفال و تكون له المسرات. تُكثر علينا حكومتنا من المناسبات والأعياد والحفلات، ليفرح الشعب ويتنعم بعد عناء الدراسة وكثرة الانشغالات، وليسعد بعض من بقي في بلادنا من الفقراء وذوي الحاجات، بجزيل الأعطيات وعديد التدشينات، للمآوي و المنتديات وحتى الدور والبنايات، وليلتقي أبناء الشعب كالعادة بالمسؤولين والخدام والباشاوات، ثم هاهي اليوم من جديد تطل علينا من تلك المناسبات، العديدة التي يردف بعضها بعضا، ويُنسي حاضرها آنفها، فيها تمجد حنكة القيادات، وتظهر براعاتها وكذا المنجزات، وتُطل علينا فيها أفواه بالتبريكات، وألسنة تسوق المثلات وتذكر بالأمجاد والخيرات، وتعطي المثال بكثرة التدشينات و بالسبق في المنشآت و عديد البنايات وتقريب الحاجيات وكذا الإدارات من المواطنين والمواطنات، وكثرة النعم والأعطيات وجزيل الترقيات، والعفو والتسريحات في صفوف المسجونين والمسجونات، فما مثل هذه المناسبة في باقي المناسبات، بل هي الأصل والعماد أوليس فيها يطل علينا الوالي بالخطابات، ويذكرنا بما كان من تفضل في خالي السنوات، وتنسج فيها الطاعة بالآيات فالولاء له كالولاء لخاتم الرسالات، وسوى ذلك الخروج عن الجماعات، سل خطباء المساجد إبان الاحتفالات. ما من إدارة أو شارع أو مصلحة إلا وزغاريد الابتهاج فيها مدوية، والأعلام فوق المنصات والأسطح وبكل زاوية، والزرابي الفخمة الملونة مستوية، والشعارات والمنصات واللافتات منثورة معتلية، والسرور على رؤساء المصالح و رجال السلطة الحانية، يهنئون "الشعب" بالأيام الغالية، ويرددون خلف الحناجر الصادحة بالهتافات العالية، أدام الله لنا عز الاحتفالات في ظل حنكة القيادات و طواعية شعب بالأفواه في المناسبة الغالية. ياحسرة من ليست له أعياد ولا مناسبات ولا احتفالات، فقد غابت عنه رؤية وجوه الولات، وسماع الخطب والشعارات، ورؤية مسيرة التنمية والتحديات، وبناء الأوراش الكبرى والمنجزات، وتجديد العهد مع القيادات، وضاعت منه جولة من التصفيقات والهتافات، يعلمها للأحفاد والحفيدات، ليسيروا على درب الدعاء للزعامات،وينظموا لشعب الهتافات والاحتفالات،أوليست التنمية من تمجيد الزعامات فما المناسبات إلا طلب لمزيد من حنكة القيادات لتنهض البلاد من السبات. [email protected]