لا يخفى على أحد كان , أولئك الذين حملوا معهم دبلوماتهم محدقين بالموت في قوارب لا تجد فيها مكانا حتى للتنفس مزودين بالحمص والعدس والفول لينجو نحو الفردوس المفقود منذ بدايته . باعوا الأبقار والأغنام وأراضي ليشتروا الفيزا . بعضهم تشاجر مع والديه ليقنعهم بفردوسه هناك . بعضهم رحل عاقا منذ البداية وبعضهم اختفى هكذا دون إخبار. عندما وصلوا إلى بلاد اليورو بدأت تتبخر أحلامهم وتتلاشى مثل كتلة سراب وسط صحراء . لا وجود للعمل ولا وجود للملايين الكثيرة ولا نساء جميلات بشعر أشقر يعرضن الجنس عليهم . واقع آخر كان في انتظارهم , لم يكن في الحسبان . أصبحوا يعيشون في دور الصفيح ويقتاتون على المزابل . حقا ثمة هناك من حقق بعض أحلامه . طبعا القلة القليلة , لكن العام هو أنهم يقتاتون على السرقة والحشيش , على الأقل هذا هو الشائع والمعروف. معروفون بسرعتهم وسياراتهم بماركاتها ولوحاتها في الصيف في المغرب , وبالموسيقى الصاخبة التي تصدح من جنباتها وبعض المومسات التي ترافقهن . لكن الأمر لا يتعدى شهرا أو ما يقاربه ليعودوا أدراجهم مثل أوراق الخريف. العنصرية في إيطاليا ليست المشكلة تماما , المشكلة في الإختلاف الإيديولوجي والسلوكات والسيكولوجيا التي يحاولون نقلها داخلهم أينماحلوا وارتحلوا . أنا لا أهاجم المهاجرين , لكنني أتحدث عن أمر واقع .مثلا ان نوعية المهاجرين في إيطاليا ليست من العيار الثقيل رغم الكم الهائل . إن معظمهم فاتهم التحصيل الدراسي وينقلون صورة سلبية عن المغاربة , حيث يعجزون عن الإندماج تماما والتواصل داخل المجتمع الإيطالي. ليس رغبة في الإبتعاد والتشرنق , ولكن لعدم استيعاب معظمهم لمعطيات العالم الجديد . إنهم هنا فقط للبحث عن المال ولقمة العيش . لقد التقيت ببعض الإيطاليين الذين لا يستوعبون كيف يتصرف بعض هؤلاء المغاربة , كيف يشربون في الحدائق العامة ويتبولون فيها ويرمون قماماتهم في أي مكاندونما أدنى احترام للمشاعر العامة. أما الدولة وتمثيليات المغرب في إيطاليا فمشكلة أخرى , مثالا لقد اتصلت بقنصلية المغرب هنا في بولونيا فأجابني أحدهم بالإيطالية بلكنة عربية ليقول لي لقد اخطات في الرقم , وأعدت الإتصال مرارا بنفس الرقم ودائما يجيبني نفس الشخص أن الرقم غير صحيح . الأدهى انني أخدت الرقم من وزارة الخارجية المغربية من موقعها ؟؟؟؟ في بولونيا مثلا أيضا فالقنصلية المغربية أكثر ما تشتهر به هو عدم نظافتها . لقد حدثث حادثة طريفة تدعو إلى البكاء مؤخرا حين فتحت إيطاليا القانونلتسوية وضعية المهاجرين الغير شرعيين , فتهافت مجموعة من المغاربة لاستخراج جواز سفرهم من القنصلية المذكورة , فلم تجد لعدم انتظام المغاربة وازدحامهم إلا الإستعانة بالقوات الإيطالية التي استعملت كل أدوات العنف اتجاه المغاربة ابناء جلدة موظفي القنصلية والقنصل امام أعينهنم , لقد شعرت بالحزن شخصيا لموقف المغاربة والقنصلية معا. من هذا المنبر لا يسعني إلا أن أتوجه بنداء لمغاربة إيطاليا وللمسؤولين بالقنصليات هنا أن يسود نوع من المسؤولية والشفافية والإحترام من أجل صورة مشرقة للمغرب والمغاربة.