نعى رئيس تحرير مجلة " وجهات نظر" المغربية الأستاذ الجامعي الدكتور عبد اللطيف حسني الصحافة المستقلة في المغرب والأحزاب السياسية التقليدية التي كان لها تأثيرها في الواقع المغربي، وأكد أن الحالة الراهنة للإعلام المغربي وللنقابة الوطنية التي تمثله لا تعكس إلا وجهة النظر الأحادية للسلطة الحاكمة، وأن الاستقلالية ليست إلا وهما عاشه بعض الإعلاميين لفترة وجيزة من الزمن ، حسب ما أوردته وكالة " قدس بريس "للأنباء. وفي سياق ذي صلة ، نظمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية المؤتمر الدراسي، الذي ينص عليه قانونها الأساسي، بمشاركة ممثلين عن مختلف الفروع والقطاعات، للتشاور والتباحث حول مستجدات الساحة الإعلامية، ورسم خارطة طريق لعمل النقابة وبرامجها المستقبلية. وخلص اليوم الدراسي إلى أنه بالرغم من ظهور انفتاح على المستوى السياسي، تمثل في صيغة جديدة لتشكيل الحكومة، سمي بالتناوب، وما تبعه من تطورات، إلا أن قطاع الصحافة والإعلام، ظل خاضعا لمنطق محاولات التحكم المستمر، من طرف الدولة، بوسائل متعددة. وجرى تسجيل عدة خلاصات في وثيقة من شأنها أن تبرز صورة المشهد الإعلامي في المغرب، ومن بين الخلاصات استمرار التدخل غير القانوني واستعمال القضاء لتصفية الحسابات، بإغلاق صحيفة وإصدار أحكام جائرة والعودة للأساليب التقليدية في الاستنطاق البوليسي والاعتداء على الصحافيين. وتشجيع التردي الأخلاقي وتفشي بعض مظاهر الفساد داخل جزء من الوسط الصحافي، من أجل تشويه صورة المهنة. وضعف الشفافية في تمويل الصحف وفي التسيير المالي والإداري لمختلف وسائل الصحافة والإعلام، وغياب الحكامة الرشيدة في العلاقات الداخلية وإدارة الموارد البشرية. والالتفاف على القوانين والتنكر للالتزامات والتحملات من طرف مسؤولي وسائل الإعلام العمومية. وطغيان السلوكيات البيروقراطية من طرف عدد من الإدارات ومحاربة الحق النقابي، مقابل التخلي عن التعاقدات والمكتسبات، والتوجه نحو الإلغاء التدريجي للتعاقدات، والتحايل على القانون. وزيادة نفوذ شركات الإعلان، وارتباطها بالنفوذ الاقتصادي والسياسي، والتدخل في الاستثمارات وتوجهات التحرير وصنع الرأي العام. وتضيف الوثيقة، أن هذه الأوضاع العامة التي أخذت تسير نحوها الصحافة المغربية، بالإضافة إلى الانتهاكات الخطيرة، التي برزت في بعض الوقائع، هي التي دفعت النقابة إلى توجيه النداء لكل الفاعلين، وخاصة الدولة، بفتح حوار وطني شامل، حول مستقبل المشهد الإعلامي في المغرب. وبخصوص الحوار الوطني حول " الإعلام والمجتمع " ، ذكرت الوثيقة أن عنوانه لا يعفي الدولة من مسؤوليتها الكبرى في توفير قوانين وأنظمة وقواعد ومؤسسات لتطوير الديمقراطية، لكنها بموازاة ذلك، ليست الفاعل الوحيد في هذا الميدان، مؤكدة أن المجتمع، هو المعني الأول، بوجود وسائل إعلام تخدم المصلحة العامة، بالإضافة لمسؤوليات متعددة يتقاسمها المستثمرون ومعاهد التكوين والقضاء والمستهلك والمدرسة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات، ويتقاسمها الصحافيون أنفسهم من أجل حماية مهنتهم وتحصينها والدفاع عنها. وفي معالجتها لإشكالية الإعلام العمومي، طالبت الوثيقة بأن تجري مراجعة الوضعية لتشمل المهمة الموكولة إليها من طرف المجتمع، والعلاقات الداخلية، وإدارتها للموارد البشرية، وتوجهها لخدمة الإعلام الوطني، كحق من حقوق المواطنة، فهي ليست ملكية خاصة، بل هي مؤسسات عمومية، لها رسالة تجاه مجتمعها ووطنها. أما بالنسبة للصحافة المكتوبة، فإنها سجلت أنه من الصعوبة تعميم ما يحصل في القطاع، لأن هناك اختلافا وتفاوتاً، سواء في أجورها أو في اتفاقاتها وعلاقاتها الداخلية. وأضافت أن ما يردده بعض الناشرين حول الأزمة الاقتصادية، لم يخضع لأي تقييم موضوعي، لتحديد الوضعية الحقيقية، التي يحاول البعض تقديمها كتبرير للتراجع على العديد من المكتسبات. وانتهت إلى أن الأوضاع الحالية للصحافة المكتوبة تحتاج إلى تقييم شامل، على ضوء التطورات التكنولوجية، والمشاكل الاقتصادية والمالية الأخرى، لأن الصناعة الإعلامية تتطلب تغيير حجم وشكل الاستثمارات، على غرار ما يحصل في البلدان المتقدمة. غير أن التحدي الذي سيظل مطروحاً على هذا القطاع هو كيفية الحفاظ على تعدديته واختلافه السياسي والفكري، في ظل التوجه الذي يسير نحو تدخل اللوبيات المالية والسياسية الكبرى، للاستثمار فيه، والاستفادة بأكبر قسط من الإعانات. وتسجل الوثيقة معلنة أن “ما أظهرته هذه اللوبيات ، هو توجهها نحو صحافة الإثارة والتمييع والابتعاد عن كل مقومات صحافة الجودة”. وطالبت الوثيقة " بالكشف عن كل الممولين المباشرين وغير المباشرين للصحافة المكتوبة، لأن هذا يدخل في إطار الشفافية الضرورية، وأكدت انه لا بد من أن تتخذ الإجراءات الكفيلة بضمان التعدد والاختلاف والجودة في الصحافة المغربية " .