طرحت العدل والإحسان قبل سنوات،ما سمي ب "الميثاق الإسلامي"على كل مكونات المجتمع المدني المغربي،التي تدعي أنها لاتخرج عن دائرة الإسلام،لكن هذه الأخيرة تحفظت على التسمية مدعية أن فيها احتكارا للإسلام،مما حدا بالجماعة إلى تغيير الإسم إلى "الميثاق الوطني"على أرضية الإسلام،ورغم ذلك لم تستطع تلك المكونات الاستجابة للنداء،اللهم بعض الاتصالات الفردية الخجولة،لتبرهن الأحزاب المغربية وغيرها من جمعيات وهيئات ومنظمات غير حكومية أنها مخزنية أكثر من المخزن. فما هو يا ترى هذا الميثاق الذي تطرحه هذه الجماعة؟ الميثاق لغة هو الحبل والربط،واصطلاحا: عهد واتفاق وتحمل للمسؤولية، بعد تحديد المبادئ المتفق عليها و الأهداف المنشودة. لذا عبر الله سبحانه وتعالى عن الزواج بكونه ميثاق غليظ. أما الميثاق الوطني فهو وثيقة تأسيسية يتم على أساسها إعادة تركيب المجتمع من خلال تحديد المعالم الكبرى لمستقبل الأمة، وهو دعوة للوضوح وتحديد الموقف من المشروع الإسلامي، الذي هو مطمح هذا الشعب المستضعف،وهو أخيرا بمثابة الأرضية التي سيصاغ علي أساسها الدستور وكل القوانين التنظيمية. فما هي دواعي الميثاق؟ ترى" العدل الإحسان" أن هناك دواع آنية تتمثل في : - إقامة الحجة وتبرئة الذمة. - إحراج باقي الأطراف. - تجسيد إرادة الفعل المشترك. ودواع استراتيجية تتجسد في: الدعوة للم الشتات وتوحيد الجهود: حيث تمد الجماعة جسور التواصل والتفاهم لإحباط سياسة "فرق تسد". تحقيق التعبئة الشعبية الشاملة : لإنجاح المشروع الإسلامي،ودعوة الشعب للتعبير عن موقفه بكل وضوح. تحقيق نوع من الإلتزام في الحياة العامة: وذلك بتجاوز الفوضى والتسيب والارتجال. شروط نجاح الميثاق وأهدافه: 1- الشروط : - وجود مؤسسة لصياغة الميثاق: ومتابعة مدى الامتثال لبنوده، يراعى فيها شرطا الحياد وتمثيلية الجميع. - مشاركة كل الأطراف: نظرا لثقل الميراث وضخامة المطلب،ولأن أي مشروع توافقي لا بد أن يشارك فيه الجميع. - مساهمة الشعب : إن دور الشعب مركزي في إنجاح المشروع ،يقول مرشد الجماعة في كتاب "الشورى والديمقراطية": "ميثاق إسلامي يساهم فيه الشعب والكتل السياسية وضعا، نقاشا و نقدا، يقصي نفسه من شاء من ساحة المكاشفة والوضوح". ولن يتأتى ذلك إلا بتوعية الشعب وتعليمه، وفضح المؤامرات التي تحاك ضده، للإقلاع عن نفاق الأمة ، وكشف المصالح العالمية الاستكبارية، والمصالح الطبقية بين ظهرانينا، فتعرف الأمة أعداءها،ومصالحها،لم ضاعت وكيف سيتم استرجاعها.وهذا يبعث الأمل وسط فئات الشعب، ويحارب اليأس،فتنقذ الأمة من كابوس الحتميات التي أنهكت تاريخنا وجعلتنا كما مهملا مفعولا به غير فاعل،ومن الجبرية عقيدة وعملا، وتوعيتها بأن لها إرادة حرة. وترى الجماعة أيضا ضرورة تمكين الشعب من أخذ قراره بيده. يقول مرشد الجماعةفي "حوار مع الفضلاء الديمقراطيين" :"هاتوا يا قوم ما عندكم تقدمونه على الملأ و في شفافية كما كان يقول كرباتشوف، هاتوا،اقترحوا مشروعكم بوضوح على الأمة ونقترح." و أخيرا ضرورة إشاعة قيم التعاونوالتكافل والتطوع بين أفراد الشعب. - الوضوح : فلا بد من مناقشة المشروع والفكرة على ملأ من الناس، بعد نقد صريح صادق لحاضرهم وماضيهم وكفاءتهم، ثم تعرض الأفكار والمقترحات بين أيديهم عبرالصحف والتلفزيون، ليحكم الناس على صلاحية من يصلح لهم، وليرفضوا من لا يليق بهم ولا يمثلهم. - تجنب المزايدات السياسية : وذلك بالابتعاد عن وضع الفخاخ،أو استغلال فكرة الميثاق لتحقيق مكاسب سياسية. - الصدق : إنه مطلب ملح حتى يكون للكلمة السواء ثمرتها المرجوة. يقول الأستاذ ياسين في "حوار مع صديق أمازيغي":"من لا شك في صدقه لنا معه حوار ولنا معه كلمة." - الثقة وحسن الظن : وذلك بعدم محاكمة النيات. - المسؤولية : وتتجلى في القيام بالتعبئة الجماعية وعدم وضع الحواجز والعراقيل. - التفكير المستقبلي : حيث يسود الإقتناع أن مستقبل الأمة في وحدتها، وأن الميثاق لا يهدف إلى تحقيق مصلحة عابرة، لكنه تحد مستقبلي و اختيار مصيري. - الحرية : تتجلى في طرح الأفكار والآراء في وسائل الإعلام. - الحوار المستمر: يقول مرشد الجماعة في "حوار مع الفضلاء الديمقراطيين" :" وبما أن الديمقراطية حوار وحوار وحل للخلاف السياسي بالوسائل السياسية المتحضرة،لا بالدبابات تحشد لحصد الخصم السياسي الفائز عليك ،فإن في الأفق أملا." - المحافظة على وزن الشخصيات : يجب مد جسور المحبة والرفق، فنحافظ للناس على سمعتهم واعتدادهم بأنفسهم، كي لايخجلوا من العودة من الخطأ إلى الصواب. - التدرج : حيث ترتب نقط الخلاف، ولايطغى ما اختلف حوله من جزئيات على ما اتفق عليه من كليات. ويحذر الأستاذ ياسين من أن الخطاب السياسي قد يقود الداعي إلى الله عز وجل إلى بعض المنزلقات، فينسى وهو يؤسس و يقترح ويشارك ويحاور في شأن الميثاق أن له رسالة بليغة. ومن هذه المنزلقات : - نسيان الدعوة إلى الله: حيث يحصر الحوار في الجانب السياسي فقط، فيتم بالتالي التغاضي عن القول البليغ لمن يظهر العداء للإسلام. - القبول بأنصاف الحلول الوسطى. - الحوار على ظهر الشعب : لأنه حل نخبوي ونوع من الخيانة. - الابتعاد عن لغة القرآن : يحذر مرشد الجماعة من انزلاق خطاب الإسلاميين إلى تبني لغة معقمة فضفاضة تدخل في مصطلح الآخرين، فيتم الابتعاد عن لغة القرآن. 2- أهداف الميثاق : ° استحضار المسؤولية الإيمانية في كل حركات الأفراد و المجتمع . ° وحدة الأمة وتجميع شتاتها . ° تحقيق الشورى في ممارسة السلطة. ° تحقيق العدل في العلاقات الاجتماعية. ° تحقيق الكفاية والقوة في مجال الاقتصاد. جماعة العدل والإحسان بطرحها للميثاق،تكون قد وضعت المكونات الأخرى في حرج لا تحسد عليه،والتزام هذه الأخيرة الصمت المطبق،يضع مصداقيتها في الميزان،ويضع أكثر من علامة استفهام على خطاباتها الداعية إلى الديمقراطية وقبول الآخرمهما كان توجهه،وإبداء الرغبة في التعاون مع الجميع لأجل الوطن ولا شيء غير الوطن. لقد سجل التاريخ هذه المبادرة الجريئة التي تقدمت بها العدل والإحسان،كما سجل تخاذل الآخرين ودخولهم تحت عباءة المخزن من حيث لا يشعرون. ليفرد المشهد السياسي المغربي" العدل والإحسان" والنظام يتراشقان بالحجارة،أما باقي المكونات فقد أخذت دور الجمهورالمتابع للمباراة.