ما الذي يمكن قوله ونحن نعيش الحدث على المباشر ونرى العنصريين من الإسرائيليين يمارسون العربدة والقتل على المباشر وعلى مرأى ومسمع من العالم كله؟ لقد تحولت ايامنا وحياتنا الى مفكرة تضم عشرات المآسي نبكي فيها بالدموع على طريقة المساكين والمسلوبين أحيانا ونكرر ردود الأفعال بحركات وتصرفات لا تدل على مدلول ولا تبين عن مضمون سوى العجز والضعف والهوان والإفراط في السوداوية... إن الذي يتسنى له أن يطلع على محاضر الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو محاضر اجتماعات وزراء الخارجية العرب على كثرتها لن يظفر إلا بالكلام وإضاعة الأوراق والحبر لن يظفر برد مناسب- بالنسبة لي على الأقل- أو هكذا يخيل غلي وأنا أتبابع ما جرى لأسطول الحرية ولما تجتمع الجامعة العربية هذه المرة سيكون هناك إدانة وشجب مروعة في الأوراق والمحاضر ولن تكون على كل حال مروعة بنفس حجم الترويع والألم الذي انتابنا جميعا من طنجة الى جاكرتا ومهنا كل العالم بمنظماته ودوله وحقوقييه ومجتمعاته المدنية الخ.. سيطلع علينا حتما من يدعو الى اقامة نصب للشهداء ويطلع علينا من الحكماء الأمخاخ من يقترح لنا أن نغلق المدارس ونعطل الدوائر الحكومية ومصالح الدولة في جميع الأقطار العربية أو الإسلامية والآخر سيدعونا حتما وحيا من عبقريته بإطلاق اسم المجزرة على شارع من شوارع كل عاصمة عربية.. هل هناك عقم أكثر من هذا؟ بل الأدهى والأمر أننا لا نملك حتى تصوير الهالة أو حسن استثمرها والحجم الدولي والإنساني لفظاعتها بل إننا أعجز من ان نصورها ونغطيها كما يغطيها المراسلون والصحفيون الأجانب بل قصارانا ان نكرر المشاهد والأفلام والصور التي تاثرت بها جميع شعوب الأرض وتأثرنا بها أقل منها... اخشى أن يتظاهر الآخرون أكثر مما نتظاهر نحن وربما تظاهر البعض في إ سرائيل نفسها... للأسف تلفزيوناتنا ماعدا البعض منها وقنواتنا كمؤسسات هائلة تستطيع أن تلعب دورا إخباريا وتعبويا وتستطيع التعامل مع الحدث بكيفية تؤدي الى التنوير الحقيقي يبدو أنها مشغولة بأمور أخرى ولا يبقى فيها الا موظفا أو موظفين لإطفاء الأنوار ففي الوقت الذي يمارس الصهاينة الظلم الكبير علينا بل إقامة المجازر تلو المجازر على العزل منا نراها تكتفي بوصل فيلم أمريكي بفيلم أمريكي بفيلم عربي بفيلم عربي وتختم بالنشيد الوطني في آخر السهرة، المشكلة أن الكثير من التلفزيونات العربية لا تملك ارشيفا محترما من الأغاني الوطنية التي تصلح للتعبير عن الحزن وتساعد على التعبئة في مثل هذه الظروف والمناسبات الحزينة... إلى هنا ينتهي كلامنا وتصبحون على خير ورحم الله شهداءنا في ارض الرباط وفي غيرها من الأماكن والبلدان ..