تلقى المعطلون وعود المسؤولين بأن آخر أجل لتسليم تعييناتهم هو الخامس عشر من هذا الشهر بحسن نية كما هو معهود عليهم، لكن يقول أحد أهل الله " لا يكن ظنك إلا سيئا"، وسوء الظن مطلوب عندما يكون الطرف الآخر من شيمه التلاعب، و الكذب والبهتان، لأن "ما جاء على أصله لا يسأل عن علته" كما يقول علماؤنا رحمهم الله. برهن المعطلون عن هذه النية الحسنة بتعليق نضالاتم في شوارع الرباط إلى الأجل المضروب من طرف الحكومة، أي الأجل المتفق عليه بين الحكومة ومكاتب المجموعات المعطلة، حتى يتركوا الشوارع نظيفة ولكي لا يشوهوا مسؤولي الدولة في يوم الأرض، ولكي يحتفل المسؤولون في مغربنا الحبيب على راحتهم وبدون صوت شعارات أبناء الشعب المطالبة بأبسط الحقوق، أو صراخهم من ألم عصي وهراوات رجال القمع. إن المعطلون هم أكثر الناس معرفة بالعاصمة بعد سكانها، ويعرفون أن اختيار الرباط من بين أربع عواصم عالمية ما هي إلا أكذوبة من الكذب والنفاق الذي يمارسه المجتمع الدولي على الدول الضعيفة والفقيرة، وتمارسه الحكومة المغربية على شعبها، وما هي إلا حسابات سياسية لا نعرف كنهها بالطبع، وإن كان ولابد من اختيار بلد من بلدان المغرب، فأعتقد كما الشعب المغربي أن هناك في مغربنا بلدان جميلة تستحق حقيقة التنويه والعناية بها أكثر من الرباط، ولفت أنظار المغاربة و العالم إلى جمال طبيعتها. لكن كل هذا لا يهم المعطلين، تحتفل الحكومة بيوم الأرض أو بيوم السماء، لأن الجائع لا يسمع إلا الصوت الذي يبشره بالخبز، احتفلنا بمناسبات كثيرة مند ثلاث سنوات، واحترمناها، وتعاملنا فيها مع الحكومة بدبلوماسية عالية، تنم عن وطنيتنا وحبنا لبلدنا المغرب، ووعينا بالوضع الحرج الذي يمر منه المغرب في مجموعة من المناسبات والظرفيات السياسية، لكن ماذا تغير في موقف الحكومة اتجاهنا؟. وكل هذا ولم تيأس هذه الشريحة المثقفة التي برهنت مرة أخرى على نيتها في المشاركة في مسلسل التنمية في بلدها، حيث نظم التجمع المغربي للأطر العليا المعطلة يوما دراسيا الثلاثاء الماضي بالمركب الثقافي "المهدي بنبركة" بالرباط، تحت شعار: "الأطر العليا المعطلة رهان للتنمية"، بمشاركة نخبة من الأساتذةالباحثين، و الفاعلين السياسيين والحقوقيين. وخلص اليوم الدراسي إلى مجموعة من التوصيات، هي كالآتي حسب التقرير المنشور في موقع المجموعة: - رفع ملتمس باسم السكرتارية الوطنية لدعم نضالات الأطر العليا المعطلة، والهيئات النقابية والحقوقية والأساتذة المؤطرين لليوم الدراسي إلى السيد الوزير الأول والأغلبية، للتعجيل بحل الملف والالتزام بتاريخ 15 ماي المقبل كحد أقصى. - ضرورة تفعيل ميثاق المعطلين على أرضية الشرعية التاريخية والنضالية، تلتزم به المجموعات قصد توحيد نضالاتها. - ضرورة فتح نقاش جاد ومسؤول قصد تشكيل جبهة وطنية يشارك فيها الجميع، للنضال من أجل بناء اقتصاد وطني يحترم حقوق الإنسان. إلا أن الأطر العليا المعطلة ليست ساذجة أو على الأقل كما يحسبها المحاور، بل عندها من الوعي الفكري و السياسي والنضالي ما يؤهلها للثقة بنفسها وبقدراتها، وهذا ما عبرت عنه عمليا بخروجها إلى جانب العمال في تظاهرة فاتح ماي المنصرم، وعبرت عنه قولا في البيان الصادر عن مكتب المجموعة، الذي جاء فيه بعد إعلان البيان عن تضامن الأطر مع العمال في الاوضاع المزرية التي يعيشونها على جميع المستويات. " وفي هذا السياق نذكر الحكومة المغربية وعلى رأسها الوزير الأول بأننا سنبقى متشبثين ومطالبين بتفعيل الاتفاق المبرم، من خلال إدماج كل أطر مجموعتنا في أسلاك الوظيفة العمومية، كما نشير إلى أن التراجع عن التاريخ المحدد في هذا الاتفاق، لن يزيدنا إلا صمودا وإصرارا على النضال المستمر مهما كلفنا ذلك من تضحيات، وإذا كانت الحكومة المغربية اعتادت معالجة الكوارث بعد وقوعها بدل حلها للمشاكل وتنفيذ وعودها، فإننا نقول لها بأن التماطل والتسويف والتراجع عن الاتفاق والوعود السابقة سيملي علينا بالضرورة خلق كارثة إنسانية بالرباط في حالة عدم الالتزام ب 15 ماي كتاريخ لحل مشكلتنا." وبهذا يكون الأطر العليا المعطلة قد التمسوا كل الأعذار للحكومة، وأبانوا عن حسن نيتهم وثقتهم فيها، وهم يقولون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لست بالخب و لا الخب يخدعني" وكما يقول المثل الشعبي " لقد أعذر من أنذر" . سبحان الذي تتم بنعمته الصالحات.