بدأ الموفد الخاص لأمين عام الأممالمتحدة للصحراء الغربية كريستوفر روس جولة في منطقة المغرب العربي في محاولة جديدة لإطلاق مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو حول مستقبل الصحراء الغربية. وتشمل الجولة الرباط وتيندوف (جنوب غرب الجزائر) حيث يلتقي قيادة جبهة البوليساريو ثم يتوجه الى نواكشوطوالجزائر. وتكتسي جولة روس أهمية خاصة كونها تأتي بعد سلسلة من مساعي ومحادثات لم تفض الى مخرج من المأزق الذي يراوحه ملف الصحراء الغربية بعد تعثر تنفيذ خطة الأممالمتحدة للإستفتاء على تقرير المصير في المستعمرة الإسبانية السابقة. وتعتقد الدكتورة خديجة محسن فنان الخبيرة في معهد العلاقات الدولية في باريس ان روس سيسعى من خلال محادثاته في المنطقة الى "بلورة تفاهم بين أطراف النزاع حول مفهوم الحكم الذاتي بما يتوافق مع إرادة الصحراويين أنفسهم" مشيرة الى " صعوبة المهمة "التي يقوم بها روس نظرا للتباعد بين وجهتي نظر المغرب الذي قدم مقترحا للحكم الذاتي الموسع تحت سيادته وموقف جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر الداعي الى إستفتاء لتقرير المصير حول اقليم الصحراء الغربية يكون الإستقلال احد الخيارات المطروحة فيه. مهمة روس "الصعبة" كريستوفر روس الموفد الخاص لأمين عام الأممالمتحدة للصحراء الغربية يسعى لإطلاق مفاوضات جديدة بين المغرب وجبهة البوليساريو تبدو مهمة الديبلوماسي الأميركي المخضرم كريستوفر روس "صعبة للغاية" كما تقول الخبيرة الدكتورة خديجة محسن فنان في حوار مع دويتشه فيله، فهو يسعى لتحقيق إختراق في هذا النزاع المزمن في شمال افريقيا منذ عام 1974، فالجولة الحالية هي الثالثة يقوم بها للمنطقة منذ توليه منصبه كوسيط دولي في النزاع في يناير/ كانون الثاني 2009، وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة رعت الأممالمتحدة أربع جولات من المحادثات الرسمية المباشرة في مانهاست قرب نيويورك، كما عقد لقاءان غير رسميين في فيينا(اغسطس /آب الماضي) ثم في نيويورك خلال شهر فيبراير /شباط الماضي. ولم تفض كل هذه اللقاءات الى مخرج من المأزق. وفي حال تمكن روس من إقناع أطراف النزاع للجلوس مجددا على طاولة المفاوضات فيمكنه،كما تقول الخبيرة فنان، الخروج من دوامة التوصيات المكررة في اجتماعات الأممالمتحدة واللقاءات غير المجدية بين أطراف النزاع، عبر "إضفاء بعد سياسي جديد على الملف من خلال بلورة تفاهم بين الأطراف حول مضمون الحكم الذاتي". وفي ردها على سؤال حول طبيعة الحكم الذاتي الذي يمكن ان يكون حلا توافقيا لنزاع الصحراء الغربية، قالت الدكتورة فنان انه يتعين ان يكون"متوافقا مع إرادة الأطراف المتنازعة" معتبرة ان" روس ينتظره عمل بيداغوجي(تربوي) للتأكيد على ان الحكم الذاتي لا ينبغي ان يكون متعارضا مع إرادة الصحراويين ولا مع موقف المغرب أو الجزائر". من جهتها لاحظت الخبيرة فنان ان الإقتراح الذي قدمه المغرب بشأن الحكم الذاتي في الصحراء الغربية قدم في سياق " الوحدة الوطنية وتجاهل معطى أساسي وهو مسألة تمثيل الصحراويين" وهو ما أضعف الإقتراح وجعله مرفوضا من قبل عدد من الصحراويين. وكانت جبهة البوليساريو قد رفضت إقتراحا مغربيا بإقامة حكم ذاتي موسع في الإقليم وقالت الجبهة انه يتعارض مع مبدأ تقرير المصير الذي يتعين ان يكون إحدى الخيارات المطروحة في الاستفتاء حول مستقبل الصحراء الغربية. بيد ان المغرب يعتبر ان إستفتاء تقرير المصير أصبح"مستبعدا"، وهو الموقف الذي جدد العاهل المغربي الملك محمد السادس التأكيد عليه خلال لقائه اليوم الخميس (18 مارس /آذار) مع كريستوفر روس في مدينة تطوان شمال المغرب، حسب ما أكده خالد الناصري الناطق بإسم الحكومة المغربية. روس ديبلوماسي مخضرم وخبير بالمنطقة اقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه وسيرفع روس تقريرا الى مجلس الأمن الدولي حول نتائج مشاوراته الحالية مع أطراف النزاع التي يجريها بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1871 لشهر أبريل 2009، وتهدف الى دعوة أطراف نزاع الصحراء الغربية " للحوار حول حل سياسي ونهائي للنزاع". وفي حال الاتفاق على استئناف المفاوضات الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو يتوقع ان يتجه مجلس الأمن الدولي الى إقرار تمديد جديد لمهمة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء (مينورسو) التي تنتهي في 30 نيسان/أبريل المقبل، وتجديد الدعوة للأطراف لمواصلة الحوار. أما إذا آلت وساطة روس الحالية الى الفشل فسيكون عليه ايضا العودة الى مجلس الأمن الدولي لكي يتخذ هذا الأخير قراره بشأن الكيفية التي يتعين على الأممالمتحدة ان تعالج بها الملف. وحول رأيها في فرص نجاح روس في مهمته الحالية وهل يتوفر على الدعم الكافي من إدارة الرئيس باراك أوباما، قالت الدكتورة فنان انه "من الممكن ان تكون الادارة الأميركية الحالية بصدد البحث عن مخرج من الدوامة التي دخل فيها ملف الصحراء الغربية منذ فترة" لكن المهم برأيها هو التأكيد على " الخصال التي يتوفر عليها كريستوفر روس شخصيا، فهو يتوفر على خبرة دقيقة بمنطقة المغرب العربي ويدرك أهمية المكونات الانتروبولوجية في هذه المنطقة". ويعتبر روس ثاني وسيط أميركي في نزاع الصحراء الغربية بعد جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق الذي قدم استقالته من مهمة المبعوث الخاص للأمم المتحدة في الصحراء الغربية في منتصف عام 2004، وتولى المهمة إثر ذلك الديبلوماسي الهولندي بيتر فان والسوم الذي تنحى بدوره عن المهمة في شهر اغسطس/آب 2008، وخلفه فيها كريستوفر روس. مراجعة: هيثم عبد العظيم Deutsche Welle