أكدت السيدة آمنة بن خضرة وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة ،اليوم الخميس بالرباط ،أن التنمية المستدامة تشكل في أبعادها المتعددة،سواء البشرية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التكنولوجية أو البيئية،مفهوما شاملا ومتكاملا تلتقي عنده في نفس البوثقة مختلف المكونات الحضارية والثقافية والجغرافية للأمة. وعددت السيدة بن خضرة،في عرض قدمته أمام صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة،خلال ترؤس سموهما لحفل تخليد يوم الأرض والتنمية المستدامة،بعض المشاريع المميزة التي تبرز الأشواط الكبرى،التي قطعها المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس،في مجال الحفاظ على البيئة باعتبارها أساسا جوهريا في التنمية المستدامة. وأضافت أنه في إطار هذه الرؤية الواضحة المتجذرة في الأصالة والمستشرفة لآفاق المستقبل،فإن جلالة الملك يشيد مشروعا مجتمعيا،على قواعد دولة القانون والمؤسسات،والديمقراطية التشاركية،والعدالة الاجتماعية والتكافل المجالي. وأشارت الوزيرة إلى أن هذا المشروع المجتمعي يرقى بالمغرب إلى صلب الحداثة وعصر المعرفة والمهارة،والتي تميز التوجهات التاريخية للقرن الواحد والعشرين. وقالت إن المغرب ينعم ،منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أجداده المنعمين ،بحركية جديدة في التنمية الشاملة تستند إلى إصلاحات جوهرية مهيكلة للقطاعات الأساسية المرتبطة بالميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأوضحت أن هذه التحولات تمكن المغرب من التكيف مع التغيرات العميقة التي تقتحم كافة المنظومة الإنتاجية العالمية،ومن مواجهة تحدياتها المتعددة واستغلال مختلف الفرص التي تتيحها،مبرزة أن هذا الإنجاز العظيم اعتمد على أسس التنمية المستدامة التي تمزج بين النمو الاقتصادي المتسم بالمسؤولية وبين التوزيع العادل لثمار الثروة مع احترام كامل للبيئة والحفاظ على الموارد. ومن أجل توفير الشروط الضرورية لأي تنمية اقتصادية واجتماعية،تضيف الوزيرة،سعى جلالة الملك إلى تثبيت التوافق والتماسك الاجتماعي ونشر جو الثقة الضروري لتشجيع الاستثمار،وفتح باب المشاركة في مسلسل الإنتاج وخلق الثروات أمام كافة القوى الحية. وأضافت أنه تم ،بهذه الروح ،تفعيل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان،وهيأة الإنصاف والمصالحة،ومدونة الأسرة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية،من أجل إعادة استتباب العدل،وتصالح المغاربة مع أنفسهم،وتعزيز حقوق المرأة ودمجها أكثر في مجالات الحياة العمومية والاقتصادية،ومحاربة الفقر والتهميش وبث روح التضامن والتكافل بين المواطنين وضمان تنمية منسجمة ومتوازنة بين الجهات. وفي نفس السياق،اعتبرت أن من شأن أوراش الإصلاحات الكبرى الرامية إلى إعادة هيكلة منظومة التعليم والقضاء والحكامة الترابية،التي أعطى جلالة الملك انطلاقتها،أن توطد صرح مغرب عصري ومزدهر. وأكدت السيدة بن خضرة أن المغرب ،وعلى أساس هذه المكتسبات وفي ظل ديمقراطية موطدة ومؤسسات متجددة ،مقبل،وهو واثق من إمكانياته البشرية والاقتصادية وقوي بمصداقيته لدى شركائه في الخارج،على مرحلة جديدة في مسيرته التنموية بإنجاز أو إعطاء الانطلاقة لعدد من المشاريع المهيكلة،سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو الوطني. وأوضحت أن هذه المشاريع الملموسة صممت امتثالا للتعليمات الملكية السامية،في إطار استراتيجيات تتبنى رهانات وأهداف واضحة ترجمت إلى خطط عمل مدققة ومتناسقة،مشيرة إلى أن هذه المشاريع ،بفضل التصور المتكامل الذي صممت به وحجمها الذي يضاهي مثيلاتها عالميا،تعتبر بمثابة قطيعة كبرى مع الماضي في مجالات رئيسية تشمل قطاعات الطاقة (تطوير الطاقات المتجددة والكفاءة في استخدام الطاقة،والمشروع المغربي للطاقة الشمسية من حجم 2000 كيلوات في الساعة)،والماء (تعبئة موارد المياه وترشيد استعمالها)،والفلاحة (مخطط المغرب الأخضر)،والسياحة (مخطط المغرب الأزرق). وتابعت أن هذه المشاريع تشمل أيضا قطاعات السكن (بناء مدن من جيل جديد توفر عيشا هادئا وسليما)،والصناعة (خطة الإقلاع من أجل تحديث وتطوير النسيج الصناعي) والبنية التحتية (تمديد شبكة الطرق السيارة،وإحداث موانئ ومطارات جديدة،وفك العزلة عن المناطق القروية،والاستراتيجية الوطنية لتنمية التنافسية اللوجيستيكية). وأكدت الوزيرة أنه امتثالا للرغبة التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس،نصره الله،في عدة مناسبات،فإن كافة مشاريع التنمية القطاعية تندرج في سياق استراتيجية بيئية بعيدة الأمد،موضحة أن هذه الاستراتيجية تروم حماية الموارد والمنظومة الإيكولوجية،ورصد أحوال البيئة على مستوى الجهات،وتحسين محيط عيش المواطنين،ووضع خطط عملية للتكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من تأثيراتها. وحسب الوزيرة فإن هذه السياسة البيئية الإرادية التي تعتمد على مقاربة مجالية وبرنامجية وتشاركية تتجلى في مختلف الخطط الوطنية التي تشمل التطهير السائل وتدبير النفايات،وتأمين جودة الهواء،والوقاية من التلوث،وذلك من خلال ترسانة معززة من القوانين ذات الصلة. وقالت وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة إن هذه الاستراتيجية تدخل في حيز التزام المغرب الوطني والدولي،الذي يترجم العناية التي يوليها صاحب الجلالة للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة،والتي عبر عنها جلالته بقوة وحزم في مؤتمر الأرض المنعقد في ريودي جنيرو سنة 1992،وفي ريو +5 المنعقد في نيويورك سنة 1997،وخلال القمة العالمية حول التنمية المستدامة المنعقدة في جوهنسبورغ سنة 2002 . وأبرزت أن المغرب،وتأكيدا منه لالتزاماته،صادق على اتفاقات الأممالمتحدة المتعلقة بالتغيرات المناخية،والتنوع البيولوجي ومحاربة التصحر. وأضافت أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس دعا الحكومة إلى وضع مشروع ميثاق وطني للبيئة في إطار مسلسل التنمية المستدامة،وذلك شعورا من جلالته بضرورة تجسيد مفهوم التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة وإعطائها قاعدة مؤسسية. وذكرت السيدة بنخضرة بأن المشاريع التي تم اختيارها من بين عدد كبير من المبادرات الأخرى تنشأ في جميع أنحاء التراب الوطني لكونها تجمع بين جوهر الرؤية الشاملة والمتكاملة التي منحها جلالة الملك لمفهوم التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة،مبرزة في هذا الصدد ،الأفكار المتينة التي تنطوي عليها هذه المشاريع. واعتبرت أن تعميم مدرسة البيئة يكرس الدور الحيوي للتربية والتكوين في توعية الإنسان الفاعل والمستهدف الأخير في التنمية كامل الوعي،موضحة أنه المسؤول الأول عن الحفاظ عن الطبيعة،حتى يتمتع باستمرار بنعمها بدون أن يخترق التوازن القائم في المنظومة الإيكولوجية. وأوضحت،من جهة أخرى،أن مشروع محاربة التصحر في جهتي العيون والشاوية - ورديغة يسعى إلى إعادة التشجير وإصلاح الضرر الكبير الناجم عن التصحر الذي سببه الاستغلال المفرط للغطاء الغابوي،والذي تهدد آثاره بتجميد أو الحيلولة دون الاستعمال الفعال للبنى التحتية الحيوية في هذه المناطق. وأعلنت،في هذا الصدد،عن غرس شعاب مرجانية اصطناعية من أجل الحفاظ على المنظومة الإيكولوجية البحرية،موضحة أنه ابتداع بسيط لا يكلف كثيرا ومن شأنه أن يسمح بإعادة تأليف وتأهيل المسكن الطبيعي البحري المتدهور وإعادة توالد محلي لثروتنا السمكية التي بددتها طرق الصيد غير المسؤولة والمبذرة. وأشارت السيدة بنخضرة ،من جهة أخرى،إلى تطوير تربية السمك في خزانات السدود،بالاستفادة من هذه البحيرات الاصطناعية من أجل تطوير تربية السمك وتعزيز أمننا الغذائي وخلق نشاطات تدر دخلا وتعطي فرص عمل جديدة،كما تسمح في آن واحد بمحاربة تخثث السدود وتكاثر الحشرات الحاملة للأمراض. وبخصوص موضوع أكياس البلاستيك،اعتبرت أن القضاء تدريجيا على هذه الأكياس من شأنه أن يسمح بالحد من التلوث الظاهر أكثر في المدن والقرى ودرء الخطر الذي تمثله هذه الأكياس غير القابلة للتحلل على النباتات والحيوان والصحة،موضحة أن إزالة هذه الأكياس وتعويضها بأخرى تراعي المتطلبات البيئية،ستساهم في نظافة الوسط الحضري والقروي. وأكدت الوزيرة،من جانب آخر،أن مشروع أبي رقراق للغاز والطاقة البيولوجية،بسعيه إلى تثمين غاز الميثان المنبثق عن مطارح النفايات التي أعيد ترتيبها في الولجة من أجل إنتاج الكهرباء والحرارة،يشكل نموذجا مثاليا في إعادة الاستعمال والتدبير الاقتصادي لنفايات المدن بهدف توليد الطاقة النظيفة. وقالت وزيرة الطاقة والماء والمعادن والبيئة إنه إذا كان القصد هو الإيفاء بالطلب على الطاقة في أفران الفخار بسلا التي تقع بقرب المطرح،فإن هذا يوضح إمكانيات الإنتاج اللامركزي التي تتيحها الطاقة المتجددة،سعيا لإنشاء و/ أو تطوير نشاطات عن قرب.