قالت أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة محمد الخامس السيدة مريم بربور إن الشمولية خاصية تميز الإسلام عن باقي الأديان والفلسفات والمذاهب، حيث يستوعب الزمن والمكان كله، وكذا الإنسان في جميع أطوار حياته. وأوضحت الأستاذة بربور، في محاضرة ألقتها اليوم الأربعاء بالرباط، حول "شمولية التشريع الإسلامي"، أن الإسلام يعتبر رسالة الماضي البعيد والمستقبل المديد، بالنظر لكونها في أصولها الاعتقادية رسالة كل نبي أرسل وكل كتاب أنزل، حيث جاء الأنبياء جميعا بالإسلام ونادوا بالتوحيد.
وأضافت خلال هذه المحاضرة، التي تدخل في إطار المحاضرات الأسبوعية التي ينظمها المجلس العلمي المحلي للرباط، أنه إذا كانت هذه الرسالة غير محدودة بزمن فهي كذلك غير محدودة بمكان ولا بأمة ولا بشعب ولا بطبقة معينة.
ومن مظاهر شمولية الإسلام، حسب الأستاذة بربور، كونه رسالة للإنسان كله، أي أنها لا تخاطب عقل الإنسان دون روحه ولا روحه دون بدنه، بل هي رسالة تشمل الإنسان بكامله.
وأوضحت أن الاسلام اعتنى بكل مرحلة من حياة الانسان من الولادة إلى الوفاة بل حتى قبل الولادة وبعد الوفاة حيث وضع لكل مرحلة أحكامها، مبرزة معاني شمولية الإسلام في مجالات حياة الإنسان، حيث لم يدع جانبا من جوانب هذه الحياة إلا وكان له فيها موقف سواء تعلق الأمر بمجال العقيدة أو العبادة أو الأخلاق.
وأشارت إلى أن الشريعة الإسلامية تتفق مع القوانين الوضعية في باب المعاملات، حيث تشمل سلوك الفرد الخاص والعام، إضافة إلى ما يتعلق بأحوال الأسرة من زواج وطلاق ونفقات ورضاعة وميراث وولاية على النفس والمال وهو ما يسمى في العصر الحالي الأحوال الشخصية.
ويشمل التشريع الإسلامي علاقات المجتمع المدنية والتجارية وما يتصل بتبادل الأموال والمنافع من البيوع والإجارات والقروض والمداينات والرهن والحوالة والكفالة والضمان وغيرها مما تتضمنه القوانين المدنية والتجارية المعاصرة.
ويستوعب التشريع الإسلامي الجرائم وعقوباتها المقدرة شرعا كالحدود والقصاص، وتلك المتروكة لتقدير أهل الشأن، وهو ما يسمى الآن بالتشريع الجنائي أو الجزائي وقوانين العقوبات.
ولم يغفل هذا التشريع تنظيم الصلة بين المحكومين والحاكمين مما عنيت به السياسة الشرعية كالخراج والأحكام السلطانية في الفقه الإسلامي وتضمنته في العصر الراهن القوانين الدستورية والإدارية والمالية، مضيفة أن التشريع الإسلامي نظم أيضا العلاقات الدولية في السلم والحرب بين المسلمين وغيرهم، مما عنيت به كتب السير والجهاد في الفقه الإسلامي وما ينظمه حاليا القانون الدولي.
وخلصت المحاضرة إلى أن شمولية الإسلام تتجلى في كونه يأمر بالالتزام به كاملا وعدم الأخذ ببعضه وترك البعض الآخر.