انطلقت، صباح اليوم السبت بالرباط، أشغال الندوة الثانية التي تنظمها مؤسسة علال الفاسي بمناسبة مرور مائة سنة على ميلاد علال الفاسي، حول موضوعي الفكر والنظام الدستوريين بالمغرب وآفاق تطورهما ما بين 1910 و2010 والنظام الجهوي. وأشار رئيس اللجنة الثقافية لمؤسسة علال الفاسي السيد عبد الكريم غلاب، في كلمة تقديمية للندوة، إلى أن ميلاد الراحل علال الفاسي تزامن مع نشأة البذور الأولى للنهضة الفكرية السياسية التي بدأت في المغرب قبل فترة الحماية والتي كان الراحل أحد روادها بعد ذلك، سواء في شق النضال ضد المستعمر أو إنتاج النظريات والأفكار في كل المجالات. واستعرض الأساتذة الجامعيون المشاركون في الجلسة الصباحية للندوة تراث النضال الوطني في المجال الدستوري لإبراز مجهودات المفكرين الذين اجتهدوا في تقديم مشاريع دساتير منذ السنوات الأولى للقرن العشرين وبعد الحماية والذين حالت الظروف الداخلية والخارجية للمغرب آنذاك دون تطبيقها على أرض الواقع. وتناول الأستاذ بكلية الحقوق أكدال سعيد بلبشير السياق التاريخي لظهور هذا الفكر السياسي الدستوري في ظل الأزمة الداخلية الخطيرة والشاملة التي عاشها المغرب في بداية القرن وتهافت القوى الاستعمارية للسيطرة عليه، مبرزا الارتباط الوثيق لهذه الحركة لإصلاحية بنظيرتها في المشرق التي سعت للتصدي للمشاريع الإمبريالية عبر الدعوة لإقرار دساتير تنظم العلاقات بين الحاكم والمحكومين. من جانبه، قال الأستاذ بكلية الحقوق أكدال محمد المدني إن التطور الدستوري في المغرب منذ الاستقلال حتى اليوم ميزته الانتقالية والطابع المؤقت، من خلال المرحلة الأولى للتنظيم المؤقت للسلط العمومية منذ 1955 حتى 1962، تاريخ أول دستور، ثم مرحلة حالة الاستثناء منذ 1965 التي انتهت مع دستور 1970، الذي غير نسبيا مسار التطور الدستوري، وتلتها مرحلتي دستوري 1972 و1992. واعتبر أن دستور 1996 أنهى هذه الانتقالية ودشن للمرحلة الراهنة التي قال إنها شبيهة بالأولى عبر انتقال عرش المملكة والدور الأساسي للحكومات الائتلافية وتأجيل حل المسألة الدستورية واستبداله بالإصلاح المؤسساتي والقطاعي كإصلاح القضاء والجهوية المتقدمة، في ظل تغليب الأحزاب السياسية للأجندة الحكومية على مطلب الإصلاح الدستوري وانقسام المجتمع المدني حول هذه المسألة. وتتواصل أشغال الندوة بعد زوال اليوم في جلسة مسائية تتناول بالبحث والدراسة والتحليل النظام الجهوي على جميع المستويات الاقتصادية والتنموية والبشرية والسياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها. وتندرج هذه الندوة ضمن سلسلة الندوات التي تنظمها مؤسسة علال الفاسي احتفاء بمائوية ميلاد علال الفاسي (2010-1910) والتي تسائل عمل الحركة الوطنية في فترة النضال الوطني وما بعد الاستقلال في مختلف المجالات، من أجل اختبار كيفية تجاوب مبادراتها ومخططاتها مع متطلبات النهضة العامة للمجتمع والدولة. وستلي هذه الندوة، أربع ندوات أخرى خلال 2010 حول "مائة سنة في تطور الاقتصاد المغربي" وتطور الفكر الديني والتعليم والتربية بالمغرب ما بين 1910 و2010 وتطور الفكر الاجتماعي بالمغرب في نفس الفترة والتطور الثقافي والأدبي بالمغرب في القرن العشرين. وتناولت الندوة الأولى المنظمة في فبراير الماضي نشأة الفكر السياسي المغربي وتطوره وتطور الدبلوماسية المغربية مابين 1910 و2010.