وقد انطلقت هذه الندوة القيمة بالجلسة الصباحية التي تمحورت حول موضوع الفكر والنظام الدستوريين بالمغرب في القرن العشرين وآفاق التطور في القرن العشرين شارك فيها الأساتذة الدكتور امحمد الداسر عميد كلية الحقوق بالمحمدية الذي أدار الجلسة والدكتور سعيد بلبشير أستاذ بكلية الحقوق أكدال الرباط بموضوع الفكر الدستوري الإصلاحي من بداية القرن الى الاستقلال سنة 1956 والدكتور محمد المدني أستاذ بكلية الحقوق بالرباط أكدال بموضوع التطور الدستوري من الاستقلال إلى اليوم. وشارك في التعقيب على هذه العروض الدكتور ميلود الوكيلي أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بالرباط الأستاذ عبد الكريم غلاب والدكتور محمد المسكي مفتش إقليمي رئيس بوزارة الاقتصاد والمالية. واستهلت الندوة بالتقديم العام الذي ألقاه الأستاذ عبد الكريم غلاب عضو مجلس الرئاسة لحزب الاستقلال ورئيس اللجنة الثقافية لمؤسسة علال الفاسي الذي أكد فيه أن المراد من هذه الندوات هو إحياء ذكرى علال الفاسي رجل القرن والتذكير بنشاطه وعطائه الثقافي والسياسي والحركي والنضالي كما يراد من هذه الندوات إحياء تاريخ النهضة الفكرية والسياسية التي مر بها المغرب الذي شهد عدة أحداث وعدة تقلبات على مختلف الأصعدة حيث أنه منذ القرن ما قبل الماضي كانت تنذر وتبشر بالأسوء الذي كان يتربص بالمغرب وهو الحماية التي سقط تحت نيرها وتبشر بالنهضة، وأكد الأستاذ عبد الكريم غلاب أنه هناك كانت تكمن عظمة هذا المغرب، حيث أنه كلما كان يوشك على الانهيار إلا وجد نفسه في خضم نهضة منتظرة، وكانت الحماية التي ابتلى بها المغرب قد بدأت نذرها منذ احتلال الجزائر سنة 1830. والاستعمار عمل كل مافي وسعه على سد كل الأبواب التي يمكن أن تساعده على الإفلات من الاحتلال، حيث أنه كانت هناك عدة دول أروبية تشتغل في هذا الاتجاه ومنها على الخصوص انجلترا والمانيا التي اتفقت معها فرنسا أخيرا على منحها امتيازات في مناطق أخرى مقابل استفراد فرنسا لاتمام سيطرتها على بلدان المغرب العربي. وأشار الأستاذ غلاب إلى أن المغرب كان ضعيفا من كل النواحي مما جعله يقع تحت الاستعمار إلا ان عظمة المغرب تجلت في شعبه وفي مفكريه الذين استطاعوا زرع بذور النهضة منذ القرن التاسع عشر، هذه النهضة التي بذرت بذورها أثناء الحماية وبعدها ومن ثمراتها الكبرى يضيف الأستاذ عبد الكريم غلاب أن الحركة الوطنية التي كان منبعها هذه النهضة ومنبعها الثاني الاستعمار الذي رغم خزاياه فإنه كان محركا لحركة المقاومة التي انطلقت منذ 7 أبريل أي أسبوعا فقط بعد توقيع الحماية، ثم استمرت المقاومة في الصحراء والأطلس والريف، وما كاد محمد بن عبد الكريم الخطابي يضع سلاحه حتى نهضت كتلة العمل الوطني. والنهضة الثانية كان علال الفاسي رائدها كزعيم سياسي مثل المغرب تمثيلا علميا وسياسيا وفكريا. فالمغرب كانت تتحرك فيه يقول الأستاذ عبد الكريم غلاب كل هذه النظريات والأفكار. وكان علال الفاسي رائدا وشاعرا ومنظرا سياسيا ومناضلا ورغم السنوات التسع التي قضاها في منفاه في الغابون فإنه لما عاد سنة 1946 استأنف عمله وكأنه لم ينف، ولما خرج إلى المشرق ظل يعمل ويكتب ويؤلف حيث كتب النقد الذاتي ومقاصد الشريعة والحركات الاستقلالية وغيرها. وأكد الأستاذ عبد الكريم غلاب في نهاية تقديمه أننا عندما نحتفل ونحيي ذكرى ميلاد علال الفاسي فإننا في الواقع نحتفي بالنهضة المغربية والحركة الوطنية التي كان الزعيم الراحل رائدها بامتياز.