تنكب نخبة من الحقوقيين والجامعيين وممثلي المجتمع المدني على استشراف آفاق العدالة الجنائية بالمغرب في ضوء مشروع إصلاح القضاء الذي حدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس عناوينه الكبرى في خطاب 20 غشت الماضي. وأكدت الورقة التقديمية للندوة التي تنظمها، على مدى يومين، مجموعة البحث في العلوم الجنائية بكلية الحقوق بفاس، على الحاجة الملحة لاعادة النظر الشاملة في تدابير القضاء الجنائي بوضع معالم خطط واستراتيجيات في مجال العدالة الجنائية غايتها مواجهة الجريمة في أشكالها وأبعادها الجديدة وفق متطلبات حقوق الانسان وقيم المحاكمة العادلة. وأشارت الورقة، التي قدمت صباح اليوم الجمعة في افتتاح الندوة، إلى أن أحكام القانون الجنائي تتحدد في ضوء طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة، والتي يحكمها في السنوات الأخيرة السعي إلى تحقيق التوازن بين ضرورة حماية الحقوق والحريات وحتمية الحفاظ على المصلحة العامة. كما نبهت الورقة الى العلاقة بين منع الجريمة والتنمية بحكم التكاليف الاجتماعية للجريمة، موضحة أن المتغيرات في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وظهور أشكال جديدة من الاجرام تتطلب أن تكون مصحوبة بإصلاحات ملائمة في القضاء الجنائي لضمان استجابة نظام العقوبات لقيم المجتمع وأهدافه الأساسية المتمثلة في التنمية وحقوق الانسان. وخلصت الى أن وجود نظام قضائي جنائي عادل ومنصف وانساني شرط ضروري لتمتع المواطنين بحقوق الانسان الأساسية، مما يطرح إشكالية البحث في طبيعة العلاقة الجدلية بين نظام العدالة الجنائية وواقع المؤسسة القضائية بوصفها الحارس الطبيعي للحريات. وتتوزع أشغال الندوة الوطنية على مجموعة جلسات عمل تتناول "مستقبل العدالة الجنائية في أفق اصلاح القضاء" و"الاصلاحات الضرورية على مستوى المنظومة الجنائية" و "الاصلاحات الضرورية على مستوى دور المؤسسات القضائية" و "الاصلاحات الضرورية على مستوى استقلال القضاء ورهانات الملاءمة".