استعرض السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أمس الاثنين بجنيف، توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة بجبر الضرر الجماعي، مبرزا أن هذه التوصيات تتضمن بعدا ماديا ورمزيا، وتشكل إلى جانب الاعتراف بالأضرار المترتبة عن الانتهاكات إقرار التعويض عنها. وأوضح السيد حرزني خلال لقاء دراسي نظم بقصر الأممالمتحدة، على هامش انعقاد الدورة 13 لمجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة، أن البعد المادي يتجسد عبر برامج للتنمية السوسيو-اقتصادية، والبعد الرمزي يترجم على شكل اعتراف الدولة بالأضرار المترتبة عن الانتهاكات من خلال تنظيم أنشطة للذكرى، وتشييد نصب تذكارية وترميم وتحويل مراكز الاعتقال السرية. وأبرز أن الأمر لا يتعلق فقط بالاعتراف بالأضرار المترتبة عن الانتهاكات، وإنما أيضا بجبر الضرر الذي يروم استعادة ثقة الضحايا في الدولة وتقوية الشعور بالمواطنة وتعزيز التضامن الاجتماعي وضمان أسس المصالحة. وأضاف السيد حرزني أن استراتيجية تفعيل برنامج جبر الضرر الجماعي تنبني على ثلاثة مقاربات، موضحا ان مقاربة التدخل على المستوى المحلي، تعزز الحكامة المحلية عبر تعبئة وإدماج الفاعلين المحليين، وعلى المستوى الوطني تتمثل في انخراط الدولة الفعلي في برنامج جبر الضرر، الذي سيترجم على شكل مساهمة مالية وتسهيل المساطر الادارية وتوفير الدعم اللوجستيكي، وعلى المستوى الدولي بالبحث عن آليات التضامن وعقد شراكات دولية. كما أبرز أن تفعيل هذا البرنامج يرتكز على ثلاث مقاربات رئيسية، المقاربة الحقوقية من خلال التركيز على الحقوق الأساسية للجماعات، والمقاربة التشاركية من خلال تعزيز المشاركة الفعلية للأطراف المعنية على جميع المستويات، ومقاربة النوع من خلال الأخذ في الاعتبار مصالح النساء والمجموعات الهشة. وذكر رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أن التفعيل الفعلي لهذا البرنامج انطلق في الفصل الأخير من سنة 2007، مبرزا أن الانجازات الهامة التي تم تحقيقها في هذا الإطار، تهم وضع بنيات تدبير هذا البرنامج، وإعداد مخطط لأجرأة التوصيات، وتعبئة الشركاء، وتعزيز القدرات، والحفاظ على الذاكرة وتحسين شروط العيش. وأبرز السيد حرزني أنه على أساس تجربة هيئة الانصاف والمصالحة والسنتين الأوليتين لتفعيل برنامج جبر الضرر الجماعي، فإن الدروس المستخلصة والتي يتعين تقاسمها، تهم إعادة قراءة وتحليل التجربة الدولية المتراكمة في مجال جبر الضرر الجماعي، وإعداد منهجية واضحة تمكن بشكل دقيق من وضع الحدود بين جبر الضرر الفردي وجبر الضرر الجماعي، وتعبئة منذ انطلاق أشغال لجنة الحقيقة، القوى السياسية والمجتمعية حول البرنامج، ودمج في مسلسل المشاورات التحضيرية الموظف الإداري والتقني في منصب القرار. كما تهم إعداد توصيات جد واضحة مصحوبة بمخطط عملي، وخلق مؤسسة وطنية واحدة لتنسيق تفعيل البرنامج، والاضطلاع بدور القاطرة في حالة الضرورة، مع الأخذ بعين الاعتبار لديناميات التحرك على المستوى المحلي والوطني. وقد شارك في هذا اللقاء علاوة على السيد حرزني، السيدان جياني ماغازيني، رئيس قسم أمريكا أوروبا وآسيا الوسطى، وقسم المؤسسات الوطنية والآليات الإقليمية بمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والسيد جيريمي ساركان، رئيس مجموعة العمل للأمم المتحدة حول الاختفاء القسري أو غير الطوعي. كما شارك في اللقاء السيد كارلوس ألبيرتو شوكانو، نائب ممثل البعثة الدائمة للبيرو لدى الأممالمتحدة، والسيد ردولفو مترولو مستشار وسكرتير حقوق الانسان (وزارة العدل وحقوق الانسان بالأرجنتين) اللذين قدما عرضين حول تجربتي بلديهما في مجال العدالة الانتقالية.