أكد المشاركون اليوم الجمعة في الندوة الدولية حول موضوع "القدس: مدينة وثقافة ومصير" التي انعقدت بباريس، أن وكالة بيت مال القدس الشريف تعمل، من خلال عملها على أرض الواقع وأنشطتها المتعددة، من أجل ترسيخ الهوية الفلسطينية لمدينة القدس والحفاظ عليها. وأبرزوا خلال هذه الندوة التي نظمت بمعهد العالم العربي، أن الوكالة تلعب دورا يتمحور حول الحفاظ على تراث المدينة المقدسة ودورا اجتماعيا يتميز ببناء العديد من المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والمكتبات لفائدة السكان المحليين. وقال عالم الآثار التونسي عز الدين بيشاوش إن "قوات الاحتلال تحاول فرض واقع على الأرض باستغلال عامل الوقت من أجل جعل المجتمع الفلسطيني في وضعية غير مستقرة". وأشار السيد بيشاوش إلى أنه "لمحاربة هذا الوضع القائم، ينبغالعمل من أجل ترميم المآثر والمحافظة عليها، لأنه كلما كانت هناك مآثر مهددة بالانهيار، تقفز اسرائيل لتستولي عليها"، منوها في هذا الصدد بأهمية العمل الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف والتي تتدخل بشكل كبير في هذا المجال من خلال ترميم والمحافظة على العديد من المآثر. وقال المدير العام للوكالة السيد عبد الكبير العلوي المدغري أن وكالة بيت مال القدس الشريف تعطي، من خلال إنجازاتها، "الدليل على امكانية منح المساعدة لسكان المدينة المقدسة من خلال قناة رسمية تضمن متابعة تنفيذ المشاريع والنفقات". وبعدما ذكر بأن الوكالة تابعة للجنة القدس التي يرأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قدم السيد العلوي المدغري أمام الحضور حصيلة هذه المؤسسة وكذا مخطط عملها لسنة 2010. وأكد أنه بين اقتناء المباني وبناء المدارس والمستشفيات وترميم المباني التاريخية، فإن الوكالة تساهم في النضال من أجل الحفاظ على الطابع المتعدد لمدينة القدس وإشعاعها. وكانت وكالة بيت مال القدس الشريف قد تأسست سنة 1998 كمؤسسة إسلامية غير هادفة للربح وذلك بمبادرة من جلالة المغفور له الحسن الثاني. وهي مبادرة تبنتها منظمة المؤتمر الإسلامي بهدف حماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة المقدسة وتعزيز صمود سكانها من خلال دعم وتمويل برامج في مجالات الصحة والتعليم والحفاظ على التراث الديني والثقافي للقدس الشريف. واعتبارا لتعقد الوضع في مدينة القدس، فقد فضل منظمو هذه الندوة، التي افتتحت أمس الخميس، المقاربة العلمية والثقافية، دون إغفال التعبير عن القلق المشروع بشأن المخاطر والظلم الذي يمارسه الاحتلال الاسرائيلي. ومن جهته، اعتبر المدير العام لمعهد العالم العربي مختار طالب بندياب أن "مدينة القدس، التي استولت عليها جيوش العالم مرات عديدة منذ العصر القديم والتي تم تدميرها ثم إعادة بنائها مرارا ، تبدو مكانا تتهيج فيه العواطف الإنسانية من خلال نزاع يهز إيماننا، وذكاءنا ويشوه رسالة المحبة والسلم التي هي راعيتها والضامن لها". ومن جانبه، ذكر ممثل فلسطين لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إلياس صنبر، بأن نضال الشعب الفلسطيني يهدف إلى الاعتراف بالهوية الفلسطينية واحترامها والتي يحاول المحتلون الاسرائيليون، بكافة الوسائل، تغييرها خاصة من خلال التهويد المكثف لمدينة القدس. ومكنت هذه الندوة الدولية، التي انعقدت على مدى يومين، من مناقشة خصوصيات المدينة المقدسة وتاريخها ومآثرها والقيم الثقافية التي تمثلها. وسلطت هذه الندوة الدولية، التي نظمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، الضوء على الأخطار الناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي والسياسة الاستيطانية التي تنهجها سلطات الاحتلال.