دعا مشاركون في يوم دراسي إلى وضع خطة تمويلية وطنية للتنمية الثقافية تعتمد المقاربة التشاركية بين كل المتدخلين الثقافيين العموميين وشبه العموميين والخواص وباقي المعنيين،وذلك على أساس برامج تعاقدية واضحة. وأكد المشاركون في اليوم،الذي نظم اليوم الخميس بالرباط في موضوع "تدبير الشأن الثقافي بالمغرب: الواقع والآفاق"،على ضرورة ربط التنمية بالثقافة باعتبارها مقاربة ناجعة تقطع مع مفهوم "الخدمة الثقافية" و تعوضها ب" تشكيل الوعي الثقافي". كما شددوا،في هذا اليوم الدراسي الذي نظمته النقابة الديمقراطية للثقافة التابعة للفدرالية الديمقراطية للشغل ,على ضرورة إعادة الاعتبار للشأن الثقافي ضمن هذه التنمية الشاملة من خلال العمل على إدماج الرأسمال الرمزي والبشري والمادي. واعتبر المحاضرون أن الثقافة ليست شأنا حكوميا فقط بل شأنا يهم الجميع وعلى رأسهم المثقفين،داعين في هذا الصدد إلى انخراط المثقفين في عملية التحديث والتطوير من أجل تكريس وتعزيز الهوية الوطنية الثقافة وذلك على اعتبار أن الثقافة هي المدخل الطبيعي لبناء حضارة أي بلد. وفي معرض تشخيصهم لواقع المشهد الثقافي،سجل المشاركون ,على الخصوص،ضعف الميزانية المرصودة للثقافة وتراجع دور وإشعاع المؤسسات والجمعيات ثقافية،وضعف القراءة ،بالإضافة إلى عدم وجود تصور واضح حول الآثار بالمغرب. ودعا المشاركون إلى إعادة هيكلة المجلس الأعلى للثقافة باعتباره هيئة عليا للتوافق الوطني حول تدبير القضايا الثقافية وطنيا وجهويا لكي تضع بشكل مشترك مع وزارة الثقافة "خارطة طريق" للسياسة الثقافية تأخذ بعين الاعتبار،على الخصوص،النقص المسجل في البنيات الثقافية وللواقع السوسيو ثقافي الحقيقي للبنيات وواقع المباني والمآثر التاريخية. وفي معرض الحديث عن البعد الثقافي على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة،أبرزوا أنه لا يمكن الحديث عن جهوية موسعة حقيقية لا تأخذ بعين الاعتبار العامل الثقافي،موضحين أن انتقال المغرب إلى مرحلة الجهوية المتقدمة سيمكن من إعادة الاعتبار للخصوصيات الثقافية لكل جهة. ولاحظ المتدخلون أن القيام بتشخيص الوضع الثقافي على المستوى الجهوي أظهر أن هناك خصاصا كبيرا وتوزيعا غير عادل بين الجهات على مستوى البنيات والتجهيزات الثقافية من معاهد موسيقية ومسارح ودور ثقافة وغيرها،معبرين عن أملهم في أن تنجح الجهوية الموسعة في التقليص من الفوارق بين الجهات في هذا المجال. كما دعوا إلى إعادة موقعة المغرب في حركية الثقافات العربية والإسلامية والدولية،وذلك انطلاقا من التفاعلات والتقاطبات المتسارعة التي يشهدها العالم ،مشددين على ضرورة ارتقاء الفعل الثقافي إلى مقدمة الرهانات المهيكلة لمجمل المبادلات المادية والرمزية للشعوب.