أجمع عدد من المتدخلين في يوم دراسي اليوم الأربعاء بطنجة على أن المدن ذات النظام الخاص تعد رافعة حقيقية لترسيخ الجهوية واللامركزية في تدبير الشأن العام وقاطرة للتنمية المحلية. وأوضح عدد من الباحثين والأساتذة الجامعيين خلال اليوم الدراسي حول "المدن ذات النظام الخاص في التجارب الجهوية " الذي نظمه حزب الأصالة والمعاصرة في إطار سلسلة لقاءاته حول مشروع الجهوية الموسعة بالمغرب، أن المدن ذات النظام الخاص تحظى بنظام تدبيري يراعي الخصوصيات الاجتماعية والبيئية والسياسية والاقتصادية لهذه المدن، سواء في إطارها الجهوي أو الوطني. ويهدف اليوم الدراسي، الذي حضره على الخصوص السادة محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة وفؤاد عالي الهمة، عضو مجلسه الوطني، وحسن بنعدي، رئيس مجلسه الوطني، إلى رصد انتظارات مختلف الجهات وتعبئة المواطنين حول مشروع الجهوية الموسعة وتقييم تجربة الجهات في الماضي، والبحث عن عناصر الإجابة حول دور هذه الوحدات الترابية مستقبلا.
وفي هذا الإطار، أكد الباحث الجامعي عبد الرحمن الصديقي أن تطبيق النظام الخاص على المدن في التجارب الدولية جاء ليحيط بأهميتها الاقتصادية (مراكز صناعية كبرى) أو الثقافية (تنوع عرقي وإثني) أو الجغرافية (مدن حدودية)، أو بيئية (منتزهات أو مناطق ذات أهمية إيكولوجية) أو سياسية (عواصم). غير أن الباحث الجامعي أشار إلى أن بعض المدن حظيت بنظام خاص في التدبير نظرا لرغبة السلطات العمومية في الارتقاء بهذه المراكز الحضرية إلى درجة العالمية. وأبرز متدخلون أن منح امتياز النظام الخاص لبعض المدن يجب أن لا يعزل هذه المراكز الحضرية عن باقي الجماعات المحلية، وأن لا يساهم في تعقيد المساطر الإدارية، وأن يدعم شفافية الممارسات الإدارية، ويوضح صلاحيات الإدارات بين ما هو محلي و جهوي ووطني. ومن جهته، أشار أستاذ المالية العامة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة طنجة، حميد النهري، إلى أن المدن الكبرى أصبحت قاطرة التنمية المحلية داخل الجهات، موضحا أنه إذا "كان الاقتصاد يتجه نحو العولمة، فإن التنمية المستدامة تتجه نحو المحلية". وشدد في هذا الصدد على أن النظام الخاص للمدن الكبرى يتعين أن يترافق بتعزيز الجهوية ودعم التعاون بين السلطات المحلية والوطنية، والتأسيس للشراكة بين القطاعين العام والخاص لقيادة التنمية المحلية. وحث في هذا الصدد على ضرورة توفر المدن والجهات على برنامج استراتيجي للتنمية، واضح الإمكانيات والمؤهلات، بأهداف مرقمة، ليشكل أساسا للتعاقد بين المدن ذات النظام الخاص والجهات مع السلطات المركزية. وأوضح أن الأحزاب مدعوة إلى مواكبة التحولات التي يشهدها المغرب على مستوى التنظيم الجماعي من خلال وضعها لبرامج حديثة بأهداف عملية، وإشرافها على تكوين نخب قادرة على قيادة برامج التنمية المحلية والقيام بالدبلوماسية المحلية والتعاون اللامركزي. كما عقد أعضاء المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، بهذه المناسبة، لقاء مفتوحا مع عدد من الفاعلين المحليين الجمعويين والاقتصاديين لدارسة مشروع الجهوية الموسعة ورهاناتها على تدبير الشأن المحلي، حيث أشار مجموعة من المتدخلين إلى أهمية هذا المشروع في بناء صرح المغرب الحديث ودعم التنمية المستدامة للجهات وتقوية مسلسل اللامركزية. وأكدوا على أن الجهوية الموسعة ستمنح المغرب جهات منسجمة وقوية وقادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل متوازن، وتدبير الشأن المحلي في إطار اللامركزية. كما ركزوا على مبادئ التوازن والتضامن بين الجهات لخدمة الصالح العام للشعب المغربي. وشددوا على ضرورة تقوية دور جمعيات المجتمع المدني في تحسيس المواطنين بهذا الورش المفتوح وضمان تعبئتهم حوله خدمة للصالح العام وضمانا لمستقبل أكثر انفتاحا.