أكد المشاركون في اللقاء التحضيري الذي انعقد أمس الجمعة بالرباط بمشاركة مجموعة من الصحافيين الإسبان والمغاربة في إطار الإعداد لندوة دولية يرتقب تنظيمها في نهاية شهر أبريل المقبل حول موضوع "الثابت والمتحول في العلاقة المغربية الإسبانية: الرهانات والتحديات" ، أن الحوار الثقافي، بوصفه آلية للانفتاح و التواصل ، يشكل صمام أمان للعلاقات المغربية الاسبانية. كما أبرز المشاركون خلال هذا اللقاء الذي نظمه (مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل)، و(جمعية الريف للتنمية والتضامن)، بشراكة مع جمعية "القنطرة" للعلاقة المغربية الإسبانية على ضرورة تحصين هذه العلاقات الضاربة في التاريخ من أن تتأثر بأي حادث عرضي، وذلك من خلال تبني مقاربة مشتركة قادرة على تجاوز الخلافات وقائمة على الحوار والانفتاح والتواصل. وفي هذا السياق ،يرى الكاتب والصحافي ووزير الإعلام الأسبق،السيد محمد العربي المساري ، أن المغرب وإسبانيا محكوم عليهما بالتفاهم والتعايش، وأكد أن ما يجمع البلدين أكثر بكثير مما قد يفرقهما ، مشيدا في هذا الشأن بالتعاون والتنسيق القائمين بينهما على جميع المستويات. إلا أنه اعتبر أن ما يمكن أن يعكر صفو هذه العلاقات "ينبع أساسا من الصورة السلبية التي تروجها بعض وسائل الإعلام الاسبانية تجاه المغرب كلما تعلق الأمر بقضية الصحراء أو بمدينتي سبتة و مليلية السليبتين" ،حيث سجل في هذا الصدد أن الصحافة الاسبانية لم يسبق لها أن تناولت عودة الآلاف من المغاربة إلى وطنهم الأم هروبا من جحيم مخيمات تندوف، كما أن تناولها لمشكل المدعوة أميناتو حيدر لم يكن بالحياد المطلوب. و أضاف محمد العربي المساري أن المغرب ما فتئ يبدي انفتاحه على اسبانيا التي تعتبر نموذجا للنجاح السياسي والاقتصادي . من جهته، قال السيد عبد السلام بوطيب ، رئيس (مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) ، إن هذا اللقاء الذي اعتبره "جلسة بوح" جمع الصحافيين المغاربة ونظرائهم الإسبان ، سمح بطرح مجموعة من المواضيع خصوصا تلك المتعلقة بالبناء الديمقراطي. وسجل في هذا الصدد "مغالاة الصحافة الاسبانية" في نقل الواقع المغربي وإعطائها صورة مزيفة أحيانا للقارئ حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، ناهيك عن غضها الطرف عن مواضيع الذاكرة المشتركة كمشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الاسبانية ، وملف الحرب على الريف بشمال المغرب. وفي هذا السياق ، دعا رئيس (مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل ) وسائل الإعلام إلى الاضطلاع بدور مفصلي في تجاوز الصور النمطية والأحكام المسبقة، والعمل على إصلاح الأعطاب العرضية التي قد تلحق العلاقات بين البلدين ، مشددا على أهمية اتباع نهج واضح المعالم يأخذ بعين الاعتبار النقاش والتواصل القائمين بين مختلف الفاعلين بالبلدين ومنهم منظمات المجتمع المدني القادرة على التأثير إيجابيا في الرأي العام من الناحيتين . من جهته، اعتبر الصحافي والأكاديمي بيرناندو دييث نوستي ، أن اعتماد منهجية محددة في معالجة الصحافة لمواضيع ذات الطبيعة الحساسة من أجل تقريب الهوة بين ضفتي المتوسط "أضحى أمرا ملحا" . وأكد أن القيام بعملية تصحيح واسعة لنظرة الرأي العام الإسباني تجاه المغرب "يجب أن يمر عبر البحث عن حلول تمكن من تحرير الذاكرة من جراحات الماضي وإعطاء الفرصة لجيل الصحافيين الشباب ليتمكنوا من التأسيس لواقع إعلامي بعيد عن المغالطات ، متسلحين براهنية الحاضر ومستشرفين بكل بحياد و موضوعية آفاق المستقبل". وأضاف أن بناء جسور قوية للثقة بين المغرب وإسبانيا يتطلب كذلك إرساء أسس رؤية مستقبلية تقوم على التواصل ، وترتكز على مقاربة مدروسة خدمة لعلاقة مستدامة مبنية على الانفتاح و التعاون المشترك. وأكد السيد بيدرو كناليس، الذي قضى سنوات عديدة في المغرب، مراسلا لعدة وسائل إعلام اسبانية ومنها جريدة "لاراثون" ، على ضرورة إيجاد آلية مشتركة للإعلاميين المغاربة والإسبان تضمن استقلالية المهنة وتعمل على تعزيز الثقة بينهم ،واقترح في هذا السياق توسيع هذه الآلية فيما بعد لتشمل كافة دول المغرب العربي . ويعتبر هذا اللقاء جولة أولى ضمن سلسلة من الجولات القطاعية ستعقبها لقاءات أخرى تجمع النخب السياسية والأكاديمية والمدنية الإسبانية والمغربية، وذلك قصد تناول الأسئلة العميقة التي يطرحها راهن ومستقبل العلاقات المغربية الإسبانية.