خلدت أسرة المقاومة بالجهة الشرقية، أمس الثلاثاء بوجدة، الذكرى ال58 لانتفاضة 16 غشت 1953، التي تعتبر حدثا بارزا في السجل المجيد للكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال. وبهذه المناسبة، نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تجمعا خطابيا أبرز خلاله المتدخلون الدلالات العميقة للاحتفال بهذه الذكرى، كما أكدوا التعلق الدائم لسكان مدينة وجدة وضواحيها بالعرش العلوي المجيد. واستحضر المتدخلون شيم البطولة والتفاني والتضحيات التي بذلتها ساكنة المنطقة الشرقية لإحباط مناورات قوات الاحتلال، وكذا تعبئتها الدائمة للدفاع عن المقدسات والثوابت الوطنية والوحدة الترابية للمملكة. وقد جاءت هذه الانتفاضة، التي تعد حسب المؤرخين إحدى الشرارات الممهدة لثورة الملك والشعب، التي يتم تخليد ذكراها في 20 غشت من كل سنة، والمسجلة بمداد من ذهب في سجلات كفاح الشعب المغربي دفاعا عن حوزة الوطن، إبان فترة الاحتقان التي سبقت نفي سلطات الاحتلال لجلالة المغفور له محمد الخامس وأفراد الأسرة الملكية. وقد تحدى "الوجديون" الذين استشعروا الخطر المحدق بالملك الشرعي، الآلة القمعية لسلطة الاحتلال وتمردوا على النظام الاستعماري، كما ناهضوا وجود القوات الأجنبية. وفي كلمة له بالمناسبة أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير السيد مصطفى الكثيري أن يوم 16 غشت 1953 سيظل راسخا في ذاكرة الأجيال المتعاقبة وفي سجل تاريخنا الزاخر بالملاحم، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بحدث بارز في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال. وقال السيد الكثيري إن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة بمدينة وجدة نظمت هذه الانتفاضة بكيفية دقيقة ونفذت عدة عمليات ضد المحتل، وخاصة تلك التي استهدفت خطوط السكة الحديدية ومركز تحويل الكهرباء والثكنات العسكرية، مضيفا أن كل شرائح المجتمع شاركت في هذا الحدث الغني بالعبر والذي ينبغي نقله إلى الأجيال الصاعدة. وقد تحدى الأهالي في مدن وجدة وبركان وتافوغالت، خلال هذه الانتفاضة، رصاص قوات الاحتلال مما خلف سقوط العديد من الشهداء في ساحة الشرف كما تواصلت حملات القمع الوحشي من خلال القيام بعمليات الاعتقال في صفوف الوطنيين. واستعرض المنجزات التي تحققت لفائدة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأسرهم في مختلف المجالات والمجهودات المبذولة لتحسين ظروف عيش هذه الفئة الاجتماعية والحفاظ على الذاكرة الوطنية الجهوية والمحلية. من جهة أخرى، أعرب السيد الكثيري عن اعتزاز أسرة المقاومة وجيش التحرير بالمنجزات والمكتسبات التي حققتها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مجددا الدعم للمبادرة المغربية الرامية الى منح حكم ذاتي للاقاليم الجنوبية للمملكة، وهي المبادرة التي أكد أنها توفر حلا واقعيا لهذا النزاع المفتعل الذي طال أمده. وقد تميز هذا التجمع الخطابي بتكريم عشرة مقاومين من الجهة وتوزيع مساعدات مادية (نحو 260 ألف درهم) لفائدة 30 عضوا من أسرة المقاومة. وكان السيد الكثيري قد زار بالمناسبة متحف المقاومة الذي تم إنجازه في إطار المجهودات المبذولة والمبادرات الرامية إلى الحفاظ على الذاكرة الوطنية.