أكد المشاركون في أشغال الجلسة المسائية للندوة الأولى حول الأمن بإفريقيا، التي انطلقت أشغالها اليوم الخميس بمراكش، أن إعمال مبادئ الحكامة الجيدة يعد المدخل الرئيس لاستتباب الأمن ومواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها بلدان القارة السمراء. وأوضحوا أن هذا النهج يجب أن يحكم سياسات وتوجهات البلدان الإفريقية، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، لأنه وحده الكفيل باحتواء مصادر التوتر وتوطيد اللحمة المجتمعية وبلوغ تنمية مستديمة تعم فوائدها، بشكل عادل، مختلف الشرائح والفئات.
وفي هذا السياق، يرى المشاركون أن مفهوم الحق في الأمن يجب أن يشمل الاستفادة العادلة لكل الشرائح من الخدمات الاجتماعية ومن المساعدات أثناء الكوارث الطبيعية ومحاربة الفقر الذي تعانيه القارة والذي يعد أحد الأسباب المؤججة للصراعات المسلحة بها.
من جهة أخرى، حذر الخبراء، الذين أثروا نقاشات هذه الندوة، التي تنظمها الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، بشراكة مع المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، من الخطر الإرهابي المحدق الذي تمثله المجموعات المنتسبة إلى ما يسمى "تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي"، والتي حولت، برأيهم، منطقة الساحل والصحراء إلى "ثاني أخطر بؤرة للإرهاب بعد أفغانستان".
وأشاروا إلى أن هذا التنظيم ينتهج نفس أساليب تنظيم "القاعدة" في أفغانستان والتي تتمثل، بشكل خاص، في العمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين والعسكريين، فضلا عن اتباعه نفس المرجعية التي يتبناها تنظيم "القاعدة" لتبرير عملياته.
وسلط المشاركون أيضا الضوء على التهديدات التي تشكلها حركات التمرد في إفريقيا لأسس الدول والاقتصاد، منبهين إلى أن هذه الحركات تتعاطى الاتجار في العملة والمخدرات، كما تربط علاقات مع المنظمات الإجرامية لتمويل نشاطها.
وتطرقوا لبعض العوامل التي تقف وراء نشوب الصراعات والنزاعات في القارة السمراء، ومنها تحديدا النزعات الدينية والعنصرية ودور بعض القوى الاستعمارية السابقة والعوامل المرتبطة بمخلفات الحرب الباردة.
وقد شكلت هذه الجلسة مناسبة لاستعراض المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها عمليات القرصنة البحرية لاسيما بعرض سواحل منطقة القرن الإفريقي وخليج غينيا، والتي تهدد الأمن البحري من خلال عملية الاختطافات المتزايدة فضلا عن تسببها في رفع تكاليف التأمين"، داعين دول المنطقة إلى تنسيق مواقفها حيال هذه الظاهرة الخطيرة.
يشار إلى أن هذه الندوة الدولية، الأولى حول الأمن بإفريقيا المنظمة تحت شعار "الأمن بافريقيا .. تحديات وآفاق"، يشارك فيها أزيد من 150 خبيرا وأخصائيا مدنيا وعسكريا، يمثلون 60 بلدا من مختلف أنحاء العالم.
ويهدف هذا اللقاء، الذي يستمر ثلاثة أيام، على الخصوص، إلى تشجيع الحوار بين ممثلي الدول المشاركة، وذلك بالنظر إلى حجم وطبيعة الرهانات الاقتصادية والبيئية والأمنية بإفريقيا التي تزداد تعقدا وتتطور باستمرار.