تتواصل فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الطقطوقة الجبلية والفنون المجاورة بمدينة طنجة في سفر موسيقي وثقافي في تراث منطقة شمال المغرب يصل حاضرة طنجة بعمقها الجبلي الأصيل. ويستضيف المهرجان في دورته الخامسة،التي تنظمها جمعية أجراس للتنمية والثقافة والفنون الشعبية تحت شعار "التراث الجبلي .. غنى الذاكرة وتجدد الإبداع"،عددا من شيوخ الغناء والعيطة الجبلية الذين ضمنوا استمرار هذا الفن التراثي من جيل إلى جيل. في أولى ليالي المهرجان،أحيى جوق نجوم الشمال للطقطوقة الجبلية بمشاركة الفنان المقتدر عبد المالك الأندلسي أمسية أعادت للعيطة الجبلية ألقها وتوهجها بين رحاب قاعة مسرح محمد الحداد،حيث قدم الفنان مجموعة من أشهر أغاني الطقطوقة المنتشرة بمختلف أقاليم شمال المغرب. كما غنى شيخ العيطة المختار العروسي بعضا من أغاني الطقطوقة الجبلية،وهي الموروث الفني المنقول شفهيا من جيل إلى جيل،ساهم في الحفاظ عليه مجموعة من رواد هذا الفن الشعبي عبر التعلم من كبار شيوخ العيطة. وقد رافقت السهرة الأولى رقصات فلكلورية لفرقة الحصادة،بالإضافة إلى بعض الأغاني المستوحاة من عمق التراث الشعبي بالمنطقة،من أداء مجموعة السلام للكورال الجبلي التي حاولت تحديث هذا الفن الأصيل. وسيتعرف الجمهور،خلال باقي فقرات المهرجان،على واحدة من طقوس العرس الجبلي في سهرة ستنطلق بحفل حناء العريس الجبلي من أداء الشيخ السريفي وفرقة الطرب الجبلي،وعرض جوق شفشاون للطرب الجبلي،وشذرات من الحضرة التطوانية،وتكريم شيخ العيطة الجبلية عبد اللطيف الخمسي. وكانت فعاليات المهرجان قد انطلقت مساء الأحد الماضي بتنظيم ندوة علمية حول "تجليات البعد الصوفي في الفنون الجبلية"،أكد خلالها المحاضرون أن العيطة الجبلية من الفنون الراقية التي تساعد المتصوف على تجاوز حاجز الجسد والسمو في مدارج الروح،مشيرين إلى أن منطقة جبالة كانت على الدوام مهدا للعطاء الفني وموطنا لعدد من كبار المتصوفة على التاريخ الممتد للمغرب. وتهدف الجمعية المنظمة للمهرجان،بتعاون مع وزارة الثقافة،إلى أن تساهم هذه التظاهرة في تعزيز التكامل والانسجام وإغناء المشهد الثقافي بمدينة طنجة،تماشيا مع التحولات السوسيو-اقتصادية التي تعرفها المنطقة الشمالية وخاصة منها منطقة جبالة،ومواصلة الاهتمام بتراث الطقطوقة الجبلية والفنون المجاورة لها من أجل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي. كما يروم المهرجان التعريف بغنى التراث الجبلي،والمساهمة في إثراء المشهد الفني الثقافي لجهة طنجة تطوان،والمشاركة في إغناء الجانب السوسيو-اقتصادي لمدينة طنجة،وتكريم رموز الفنون الجبلية اعترافا بما أسدوه من خدمات في هذا المجال،والاهتمام بمكونات التراث الفني الجبلي بحثا وتوثيقا،والاعتناء بالمواهب والطاقات الشابة في مجال الفن الجبلي.