ظل المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي يطفئ هذه السنة شمعته السادسة والأربعين، وفيا في تقديم لوحاته الفولكلورية التي أدهشت منذ إحداثه سنة 1960 إعجاب متتبعيه المغاربة والأجانب. وعلى الرغم من بعض التعثرات التي عرفها مسار أقدم مهرجان على الصعيد الوطني، في بعض مراحله، حاولت هذه الدورة تكسير الرتابة من خلال تقديم مفهوم جديد للمهرجان يعتمد على مشاركة الجمهور في هذه الاحتفالية انطلاقا من تنوع الفرجة المبرمجة لهذه السنة. فدورة 2011 تجندت بفريق شاببي جديد للعمل تقوده مؤسسة مهرجانات مراكش ويتمتع بروح تتشبث بالموروث الثقافي والحضاري المغربي الخصب والأصيل مع الارتباط بالتواصل الإبداعي الحديث ومسايرة العصر والتجديد. كما شهدت الدورة 46 نقلة نوعية، كونها خصصت، لأول مرة، قرية بمنطقة غابة الشباب خاصة بالمهرجان لتكون فضاء للتلاقي والتلاقح وميدانا للتبادل الثقافي والفني، فضلا عن سعيها لتجسد صورة حقيقية لقيم التسامح والتضامن، والترحاب وقبول الآخر، خاصة بعد الحادث المأساوي الذي شهدته مؤخرا المدينة الحمراء، وجعلها رمزا للتعايش والتفاعل الثقافي، وتجسيدا للروح الوطنية الحقيقية في الحفاظ على قيم السلم والتسامح. وعلى امتداد خمسة أيام، ستنظم بقرية المهرجان فضاءات للورشات التربوية ومعارض وندوات لضمان تواصل جيد وتفاعل فني وثقافي في مستوى تطلعات الجمهور المدعو إلى المشاركة والاستفادة من مرافق المهرجان الوطني للفنون الشعبية. وحسب رئيس مؤسسة مهرجانات مراكش، السيد كريم العشاق، فإن الفريق الجديد للمؤسسة يضع كل مؤهلاته وطاقاته للرقي والمحافظة على الثقافة بمراكش، معربا عن أمله في أن يجعل من الدورة 46 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية حفلا مراكشيا ضخما مفتوحا على كل جهات المغرب ورحبا لاستقبال عدد كبير من الزوار من شتى أنحاء العالم. من جانبه، اعتبر مدير المهرجان، السيد محمد نايت مبارك، أن تبادل المعرفة والموسيقى التقليدية متأصلان ومتجدران في المهرجان الوطني للفنون الشعبية حيث منذ احداث هذه التظاهرة الفنية وهي تدافع وبحماس على الثقافة المغربية. وأوضح أن القرية، التي تم تصميمها، تعد مكانا متميزا للاحتفال والانتقال النوعي في تنظيم هذا المهرجان، الذي سيمكن الجمهور والشباب والأسر من الاجتماع مع الفنانين والحرفيين في لقاءات واتصالات مباشرة داخل فضاءات القرية. وأشار المدير الفني للمهرجان، السيد إبراهيم المزند، من جانبه، إلى أن هذه الدورة ستترجم القيم العميقة من خلال تصور يمثل الذاكرة الحية للمملكة لأن التراث ينعش الحياة والثقافة الحية ويمكن الجمهور من المشاركة والاستمتاع بكل ما هو عفوي نابع ومتجدر في الحضارة المغربية. ويتضمن برنامج هذه الدورة، المنظمة ما بين 29 يونيو الماضي وإلى غاية 3 يوليوز الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إحياء عروض فنية للأهازيج الشعبية ورقصات فولكلورية وموسيقية تراثية للفرق المشاركة من مختلف مناطق المغرب، كفرقة المنكوشي والغيطة وعيساوة وعبيدات الرمى من الشمال الشرقي وفرقة روكبة والكدرة وأحواش تيسينت وهوارة وأحواش ورززات من الجنوب، وفرقة حاحا تمنار وأحواش إيمنتانوت وأحيدوس وتازاويت من الأطلس، وفرقة الحوز أو العيطة الحوزية والدقة المراكشية وكناوة وأولاد سيدي حماد أو موسى من الحوزومراكش. وبالموازاة مع ذلك، سيكون للجمهور المراكشي، بقرية المهرجان، موعد مع ألوان مختلفة من الموسيقى الشعبية في عرس فني، رفقة مجموعة أولاد البوعزاوي وجيل جيلالة والفنانة الشعبية الداودية وعبد الرحيم الصنهاجي وحميد القصري وسعيد موسكير والفنانة الأمازيغية تاشينويت والفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي، إلى جانب فرق غنائية من الهند.