أكد مشاركون في ندوة حول موضوع "قضية الصحراء المغربية نحو الحسم"،اليوم الخميس بالرباط،أن التطورات الأخيرة التي يشهدها ملف الصحراء تستدعي التعبئة الشاملة ويقظة جميع مكونات الشعب المغربي،وذلك من أجل التصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة. وأوضح المشاركون في هذه الندوة،التي نظمتها جمعية "لامينوديير للفنون"،أن قضية الوحدة الترابية للمملكة دخلت منعطفا جديدا بفضل المبادرة المغربية الرامية إلى منح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية،مبرزين أن هذه المبادرة الجدية وذات المصداقية زعزعت مواقف خصوم الوحدة الترابية وجعلتهم في حيرة من أمرهم. وفي هذا السياق،قال السيد محمد العربي المساري،الكاتب والإعلامي المغربي،إن العمليات الدعائية "للبوليساريو" والجزائر "تأتي تتويجا لممارسات ومناورات لإحباط أي تسوية لمشكلة الصحراء،خصوصا مع فشل كل محاولاتهما لتوسيع مهام بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان". وأضاف أن الجزائر و"البوليساريو" لا يريدان لملف الصحراء أن يتقدم إلى الأمام،ومن هنا تأتي العمليات الدعائية المدبرة،بعد تنامي موجات عودة المحتجزين بتندوف إلى المغرب والصدى الإيجابي الذي لقيه مشروع الحكم الذاتي"،داعيا في هذا الإطار الجزائر إلى الالتفات إلى أوضاعها الداخلية عوض معاكسة الوحدة الترابية للمغرب. واستعرض السيد المساري المراحل التي مر منها ملف الوحدة الترابية للمملكة مؤكدا أن خطاب العرش الأخير جعل التوجه،بخصوص قضية الصحراء،واضحا نحو الحسم وإنهاء أي تشويش عن أحقية المغرب في أقاليمه الجنوبية. وقالت السيدة أمينة المسعودي،أستاذة القانون الدستوري بكلية الحقوق بالرباط،من جهتها،إن الجهوية الموسعة والمتدرجة التي جاءت في الخطاب الأخير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى عيد العرش،تعد شكلا متطورا من اللامركزية في إطار الدولة الموحدة. وأضافت الباحثة أن هذا النظام،الذي يعرف مستويات مختلفة لتطبيقه،معمول به في العديد من الدول خاصة الأوروبية،كما أنه نظام يخضع باستمرار لعملية تطوير. وأكدت أن ما ورد في مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب يعد خطوة جريئة ومتقدمة حتى على التجارب الدولية اعتبارا للصلاحيات المنصوص عليها في المبادرة،وكذا للضمانة الدستورية التي تمنح لها في حالة إقرارها إذ ستصبح لها نفس قوة مواد الدستور. أما السيد عيسى بابانا العلوي،الأستاذ الباحث والمؤرخ،فقد اعتبر قضية الصحراء المغربية نزاعا جيوستراتيجيا وسياسيا تحاول من خلاله الجزائر زعزعة استقرار المغرب ولكي تصبح قوة مهيمنة في المنطقة. وأضاف أن دوافع الجزائر لإضفاء الطابع الجيوستراتيجي على قضية الصحراء تتمثل على الخصوص في "الرغبة في الانتقام من هزيمة حرب الرمال،وحلم الريادة في المنطقة،وكذا البحث عن منفذ في المحيط الأطلسي لتصدير النفط بأقل تكلفة". وأبرز أن المجتمع الدولي بدأ يفهم وبشكل تدريجي أن قضية الصحراء هي نزاع جزائري مغربي،وأن العديد من الدول عبرت عن مواقف تدعو إلى إجراء حوار مباشر بين البلدين،مشيرا إلى أن الجزائر و"البوليساريو" بدآ في نهج استراتيجية جديدة من بين آلياتها دعم مساندي الجبهة داخل المغرب من أجل عرقلة مسار الحل السلمي للقضية. يشار إلى أنه تم خلال هذه الندوة،التي عرفت مشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين والمهتمين،تقديم عرض حول موضوع "المواقف الحاسمة لسلاطين وملوك المغرب بخصوص الوحدة الترابية للمملكة"،ألقاه السيد نورالدين بلحداد أستاذ جامعي،والذي أكد من خلاله التعلق الدائم للقبائل الصحراوية بروابط البيعة مع ملوك المغرب.