أكد وزير الثقافة السيد بنسالم حميش اليوم الأربعاء بمونزا (شمال إيطاليا) على ضرورة استخدام التكنولوجيات الحديثة التي تغزو العالم " لتوجيه الشباب نحو المعرفة وحب اكتسابها". وقال السيد حميش في كلمة له في إطار منتدى تنظمه منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) بمدينة مونزا (شمال إيطاليا) حول موضوع"الكتاب غدا، مستقبل الكتابة"، "إننا نتوفر اليوم على الوسائل والحوامل المعرفية ولكن لا تسير في منحى تطوير الحس الثقافي". وبعدما أبرز ضرورة استخدام هذه التكنولوجيات أيضا من طرف كل مثقف أو باحث جدير بهذا اللقب، دعا السيد حميش إلى ما أسماه "تضامنا بين الأجيال"، مشددا على "أننا لا نستطيع تحقيق شيء في هذا المجال مع وجود قطيعة بين الأجيال". وسجل الوزير أن "التكنولوجيات الحديثة يمكن أن تكون وسيطا جيدا، كما يمكنها أن تكون ملقنا سيئا" معتبرا أنه من الضروري "اكتساب حصانة ضد التأثير السلبي للاستخدام المفرط للانترنيت". ولفت الانتباه في هذا الإطار إلى التهديد "الجدي" الذي يطال صناعات الكتاب والصحافة الورقية والاسطوانة والموسيقى والسينما، داعيا إلى إيجاد "توازن" من خلال "تنظيم" يعمل على تفادي انهيار هذه الصناعات. وقال السيد حميش "لنعمل على أن تكون التكنولوجيات الحديثة علاجا لا سما"، مبرزا من جهة أخرى الأهمية التي تكتسيها الثقافة باعتبارها "رافعة قوية للتنمية البشرية"، و"قطاعا صانعا لمناصب الشغل". وأكد أن "الطفرة الكبرى" التي عرفتها الثقافة تفرض التفكير في المهام والاختصاصات الجديدة التي يتعين أن تضطلع بها"، مبرزا ضرورة الحفاظ على الخيال الخلاق، وإرساء مجتمع المعرفة على أسس متينة ومشاريع خلاقة، وتجنب الآثار السلبية للعولمة، وتمكين المؤسسات الإدارية ومؤسسات التدبير الثقافي من وسائل وتقنيات حديثة وملائمة. وبعد أن أكد انخراطه في نداء "الثقافة للجميع" الذي شكل شعار منتدى آخر نظم من قبل في أفينيون (فرنسا)، اعتبر الوزير أن تحقيق هذا الهدف رهين بالعمل على دعم القدرة الشرائية. ودعا إلى الارتقاء بالوعي الفردي والجماعي إلى مستوى يتمكن فيه الجميع من المتح من قيم الجمال والمواطنة والحرية المسؤولة والتضامن الإنساني. وناقش هذا المنتدى الذي افتتح أول أمس الاثنين، ثلاثة محاور كبرى، هي "اقتصاد الكتاب الرقمي" و"حقوق المؤلف في العهد الرقمي" إضافة إلى محور"المكتبة الرقمية" الذي تميزت مناقشته اليوم الأربعاء بمشاركة السيد جمال الدين الناجي، الخبير في الاتصال والأستاذ الباحث بالمعهد العالي للإعلام والاتصال. وانكب عدد من المثقفين الأفارقة و الأوروبيين والأمريكيين بهذه المناسبة، على بحث رهانات مرتبطة بتحقيق إقلاع الكتاب الرقمي. وشارك في هذا المنتدى حوالي 200 شخصية ومختصا من نحو 40 بلدا من ضمنهم سياسيون وكتاب ومؤلفون وناشرون وخبراء ومهنيون في مجال الإعلام ومكتبيون وعلماء اجتماع ومدونون وباحثون. وركز المشاركون في هذا اللقاء على الانعكاسات المحتملة لممارسة القراءة الإلكترونية على القدرات البشرية المتمثلة في التأمل والتركيز. كما تطرقت منظمة اليونيسكو ومهنيو النشر والكتاب الرقمي إلى إشكاليات حقوق المؤلف والهوة الرقمية بين "الأغنياء والفقراء"، أو بين "الشباب والشيوخ"، إلى جانب إشكالية النظام الضريبي الذي يتعين تطبيقه على الكتب الرقمية والكتب التقليدية، فضلا عن التطرق لموضوع صمود الكتاب الورقي في وجه اجتياح الكتاب الرقمي. ويعد هذا المنتدى الذي نظم بمساهمة من جهة لومبارديا ومدينة مونزا، الثاني من نوعه الذي تنظمه اليونيسكو حول الثقافة والصناعات الثقافية بعد المنتدى الذي نظم سنة 2009، حول الصناعة التقليدية وصناعة الموضة والتصميم.