توجه الإسبان، صباح اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات البلدية والجهوية وسط أجواء حركة احتجاجية واسعة تشهدها معظم المدن الرئيسية في البلاد للمطالبة ب"ديمقراطية حقيقية". وقد دعي 6ر34 مليون إسباني لانتخاب 8116 عمدة وأزيد من 68 ألف مستشار بلدي و824 مستشار في البرلمانات الجهوية في 13 جهة ذات الحكم الذاتي من أصل 17. وتنظم هذه الانتخابات البلدية والجهوية في ظل حركة احتجاجية واسعة شملت كبريات المدن في مختلف التراب الاسباني قبل أن تنتقل إلى عدد من العواصم الدولية. وحسب استطلاعات الرأي الأخيرة فإنه من المتوقع أن يتعرض الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في هذه الانتخابات لهزيمة ستترافق مع فقدانه لعدد من معاقله التقليدية لفائدة الحزب الشعبي اليميني المعارض. وشهدت شعبة الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني تراجعا كبيرا بسبب الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ سنة 2008، مما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة بشكل مهول بعد أن اقتربت من خمسة ملايين عاطل بنسبة بلغت حوالي 21 في المائة من اليد العاملة، فيما ارتفعت هذه النسبة في صفوف الشباب إلى حوالي 45 في المائة. وفي ظل هذه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية تتواصل اليوم الأحد المخيمات الاحتجاجية والاعتصامات ل"حركة 15 ماي" التي تطالب ب"ديمقراطية الآن" في إسبانيا في العديد من الساحات الرئيسية بكبريات المدن الإسبانية وانتقلت إلى عدد من العواصم الدولية. ويعتصم الآلاف من الشباب حاليا في الساحات الرئيسية بحوالي ستين مدينة في مختلف أرجاء التراب الإسباني استجابة لنداء تم تداوله على الشبكات الاجتماعية من بينها "فيسبوك" و"تويتر" وذلك للمطالبة بتغيير سياسي واجتماعي واقتصادي عاجل في إسبانيا. ويؤكد المحتجون، الذين تجمعوا في إطار "حركة 15 ماي" في إشارة إلى تاريخ المظاهرات العارمة التي شهدتها العديد من المدن الإسبانية يوم الأحد الماضي، عزمهم الاستمرار في الاعتصام ونصب المخيمات الاحتجاجية المطالبة ب"الكرامة والضمير السياسي والاجتماعي" وب"التجديد الديمقراطي" إلى غاية ما بعد إجراء هذه الانتخابات المحلية. ويتجمع الآلاف من الإسبان، معظمهم من الشباب، في ساحة (بويرطا ديل صول) وسط مدريد في إطار مخيم احتجاجي يتواصل منذ بداية الأسبوع الجاري للمطالبة ب"ديمقراطية حقيقية" وللتنديد ب"الطبقة السياسية" التي لا تمثل؟ حسب رأيهم؟ المواطنين. ونصب المتظاهرون خياما بهذه الساحة الرئيسية وسط مدريد حيث يعتصمون بشكل سلمي ومنظم أمام أنظار أفراد الشرطة المحلية والوطنية الذين يراقبون عن بعد جميع الشوارع المؤدية إلى ساحة (بويرطا ديل صول). وحرص المشاركون في هذا المخيم الاحتجاجي، الذي يتضمن عددا من اللجان التنظيمية تتولى مهام الإعلام والاتصال والتعبئة والتنظيم والحراسة والنظافة، على ضمان تنظيم محكم وتوزيع المهام بين المتظاهرين بشكل منظم. وأمام المخيمات الاحتجاجية ل"حركة 15 ماي"، التي اجتاحت العديد من كبريات المدن الاسبانية للمطالبة ب"ديمقراطية حقيقة"، اعتبر عدد من أعضاء الحكومة الاشتراكية عن تفهمهم لمطالب هذه الحركة في الوقت الذي اعتبر فيه الحزب الشعبي اليميني المعارض أن الأمر يتعلق ب"مؤامرة" نسج اليسار خيوطها. لكن المحتجين الذين يرفعون لافتات تطالب ب"ديمقراطية حقيقية" وب"إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة" يؤكدون إيمانهم العميق بهذه الحركة التي شبهتها العديد من وسائل الإعلام الاسبانية والأوروبية ب"الربيع العربي" الذي شهدته عدد من البلدان العربية. وكانت هذه السلسلة من المظاهرات التي أطلقت عليها وسائل الإعلام الإسبانية "حركة 15 مارس" قد انطلقت يوم الأحد الماضي في العديد من المدن الإسبانية استجابة لنداء تم تداوله على الشبكات الاجتماعية. وتمكنت هذه الحركة الاجتماعية من كسب العديد من المتعاطفين من عاطلين وعمال ومتقاعدين وأسر بفضل مستوى التعبئة على الشبكات الاجتماعية في إطار حركة أطلق عليها اسم "الديمقراطية الحقيقية الآن" للتنديد بنظام سياسي لا يمثلهم ويشجع القطبين الحزبيين متهمين الطبقة السياسية الاسبانية بتغليب مصالحها الشخصية على مصالح المواطنين. ويعبر المتظاهرون عن رفضهم اعتبار المواطنين "بضاعة في أيدي السياسيين والمصرفيين"، مطالبين بمحاسبة المتسببين في وقوع الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها إسبانيا مما أدى إلى ارتفاع مهول في معدلات البطالة (حوالي خمسة ملايين عاطل). كما يطالب المتظاهرون بإعادة النظر في القانون الانتخابي الذي وصفوه ب"الفاسد" لكونه يساهم في تشكيل المشهد السياسي في البلاد.