دعا مهرجان "وورد نومادز مروكو" مساء أمس الأربعاء، جمهور مدينة نيويورك للسفر إلى الصويرةوفاس، المدينتين "الرائدتين" في النهوض بقيم الحداثة والتعايش. وخلال "أمسية خاصة" في إطار الدورة الرابعة لهذه التظاهرة المنظمة من طرف "فرانش أنستتيوت أليونس الفرنسية"، تبادل السيد أندري أزولاي مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة - موكادور، والسيد فوزي الصقلي، المدير العام ل"مؤسسة روح فاس"، تجاربهما، الممتدة على سنوات، والمتعلقة بتأهيل المدينتين، اللتان أضحتا واجهة رائدة في السياحة الثقافية، ومختبر حقيقي في مجال التفكير حول مسألة حوار الحضارات والثقافات. وكانت الدورة الرابعة لهذه التظاهرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بشراكة مع المؤسستين، فرصة، أيضا، للتعمق في تاريخ موسيقى كناوة من خلال مهرجان الموسيقى العالمية للصويرة ، ومدينة فاس العاصمة الروحية ، عبر مهرجان الموسيقى الروحية. وتناول المحاضران، في إطار هذه النظرة المتقاطعة، التي سيرها بنيامين باربير، أستاذ العلوم السياسية والمستشار السابق للرئيس الامريكي بيل كلينتون، التحولات العميقة التي يشهدها العالم العربي، والتي تقول للمجموعة الدولية إن "كلمات الكرامة والعدل والديموقراطية تكتب أيضا باللغة العربية، وأنها تأتي كذلك من قلب العالم الإسلامي". وفي هذا السياق قال السيد أزولاي في كلمة على شريط فيديو من الرباط، إن "الثقافة لا يمكن حصرها فقط في الزمان والمكان، فكثافة الانفعالات المشتركة، تشكل أيضا وأحيانا، الرافعة التي تغذي ثقافتنا وكونية التبادل، حيث تبرر محدودية الإيديولوجيات والنظريات التقليدية في السياسة والاقتصاد والاجتماع". واعتبر السيد أزولاي أنه "لايمكن أن نخرج كما دخلنا، بعد حضور حفل فني مشترك"، مضيفا أنه في المغرب " نحن في انسجام طبيعي مع التعددية الثقافية والروحية التي غذت مجتمعنا منذ زمن بعيد، والتي تعكس النبض الأكثر عمقا ومشروعية في حداثتنا الاجتماعية والفلسفية". وقال مستشار جلالة الملك، "في هذه الظرفية الحاسمة، الذي يمر بها العالم العربي من تحولات عميقة، أشعر أكثر من أي وقت مضى بالثقة في بلدي، الذي تبَنَّى مقاربة طليعية ومستقبلية على الصعيد السياسي، بتبنيه التعددية الحزبية مبكرا ". وفي معرض سؤال حول المغرب والربيع العربي ، أوضح السيد أزولاي أن هناك فرق بين إصلاح بلد على أنقاض أكثر من نصف قرن من هيمنة حزب واحد، وبين توسيع وتعميق هذه الإصلاحات كما هو الحال في المغرب، انطلاقا من مكتسبات وليدة نصف قرن من التعددية الحزبية، ومن بناء مجتمع على أساس تعدد الرأي واقتصاد السوق. و من هذا المنظور أبرز السيد أزولاي البعد التاريخي والهيكلي للخطاب المؤسس الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 9 مارس، الحامل لجميع الوعود ولفن الممكن. وبالنسبة لفوزي الصقلي فإن الربيع العربي، العامل المزعزع للاستقرار بالخارج، لا يمكنه إلا أن يكون مفيدا ل`"بلادنا التي تتوفر على مؤسسات نابعة من خيارات رائدة و جريئة "، والتي تؤسس للخصوصية المغربية. وقال، "فعندما يكتشف المغرب، برعب، الإرهاب عام 2003 ، وإذ ظهرت الضرورات الأمنية لأول مرة ، فإن مسيرة الإصلاحات مستمرة " لأن لدى المملكة " مشروع مجتمعي" يمكن من "توجيهنا" ، مؤكدا "نملك رؤية لما نريد تحقيقه ". وكان خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس ليوم 9 مارس جوابا مباشرا وواعيا للأسئلة التي طرحت من قبل الحراك الاجتماعي والسياق الدولي على السواء. وأضاف أن هذا الخطاب كان أيضا وأساسا نتيجة مسلسل من الإصلاحات التي لم تنتظر التغييرات التي تعرفها بعض الدول العربية. وأصر السيد الصقلي على أن هذا التوجه في الجمع بين الملكية والديمقراطية والقدرة على الاستجابة بفعالية للظروف التاريخية يمكن من القول بوضوح إن المغرب يتمتع في الآن ذاته بمشروع مجتمعي وبنظام للحكامة. وقال إن جمعية الصويرة - موكادور ومؤسسة روح فاس جزء من هذه الدينامية التي تحاول، كل بطريقته الخاصة، المشاركة في النقاش وفي المشروع الثقافي، مضيفا أنه بالإضافة إلى دور الحفاظ على التراث، فإن الثقافة مصدر للتنمية الحضارية. وبعد أن أشار إلى أن مؤسسة روح فاس وجمعية الصويرة - موكادور" تتقاسمان بعض الرؤى حول دور الثقافة في التحول الاجتماعي ، قال السيد فوزي الصقلي إن "هذا ما أردنا أن نبرزه بنيويورك".