أكد مدير مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية بالمغرب، الحبيب بلكوش ،أن تحقيق الحكامة الأمنية يتطلب انخراط المؤسسات الأمنية في دينامية الإصلاح العام التي تشهده البلاد ضمن مسار البناء الديمقراطي ودولة القانون. واعتبر بلكوش ، في عرض ،تناول فيه تجربة المغرب في مجال الحكامة الأمنية، قدمه أمس أمام مؤتمر دولي ، حول العدالة الانتقالية، ينعقد حاليا بالعاصمة التونسية ،أن إصلاح القطاع الأمني يعتبر "قضية مجتمعية ذات بعد سياسي تسائل كافة الهيئات والفعاليات، وترتبط في العمق بإرساء دولة القانون وتحقيق التنمية، كما يستلزم تحقيق التراكم المعرفي والانخراط المتواصل والطويل النفس". ويرى المسؤول الحقوقي المغربي أن هناك جملة من التحديات والإشكالات التي تطرح يقوة في مجال الحكامة الأمنية، إبان مرحلة الانتقال الديمقراطي ، من ضمنها كيفية ضمان الأمن والاستقرار في الحاضر والمستقبل، وفي الآن ذاته توفير الضمانات الكافية لكي لا يتكرر ما وقع في الماضي من انتهاكات لحقوق الانسان ، مشددا على أهمية الانخراط الإرادي للمؤسسة الأمنية في دينامية الاصلاح العام لهيكل الدولة . وبعد أن أبرز أن تجربة المغرب في مجال الحكامة الأمنية تميزت بكونها تمت في ظل النظام القائم وبمساعدة السلطات العمومية ، شدد على أهمية تعاون الأجهزة الأمنية من أجل الكشف عن الحقيقة والقيام بعملية إصلاح من داخل هذه المؤسسة ، من خلال التكوين والتربية على حقوق الإنسان والتعريف بالقوانين والتشريعات المعمول بها ،فضلا عن مراجعة برامج التكوين وإدماج القوانين الدولية لحقوق الإنسان والانفتاح على فعاليات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن المغرب أصبح يتوفر على تراكمات مهمة في مجال الحكامة الأمنية من شأنها أن تشكل نموذجا بالنسبة لبلدان المنطقة. وأضاف بلكوش أنه بعد خطاب 9 مارس ، الذي أعلن فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن الإصلاحات السياسية والدستورية ، أصبحت الجمعيات الحقوقية المغربية ومن ضمنها مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية تركز على ضرورة دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في مجال الحكامة الأمنية، حتى تصبح المؤسسات الأمنية "خاضعة للقانون وللمسؤولية السياسية للحكومة وللسلطة التشريعية" . وشدد مدير مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية على أن الأمر يتعلق بمحطة جديدة في مسار تجربة المغرب في مجال الحكامة الأمنية، في إطار مواصلة العمل على ترسيخ الاختيارات الديمقراطية للمغرب. وقال إن الهدف النهائي لهذا المسار هو الوصول إلى "مصالحة المؤسسة الأمنية مع المجتمع ومع المواطن، على اعتبار أن الأمن هو حق من حقوق المواطن"، مشيرا في هذا السياق إلى أن مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية نهج مقاربة في مجال الحكامة الأمنية تقوم على فتح أوراش للتفكير والإصلاح في القطاع الأمني وإقناع القائمين على هذا الجهاز بالجلوس مع مكونات المجتمع المدني من أجل الحوار وتعزيز الثقة وصولا إلى التصالح مع المجتمع. يذكر أن المؤتمر الدول حول العدالة الانتقالية،الذي ينظيمه من 14 إلى 16 أبريل الجاري، المعهد العربي لحقوق الإنسان بتعاون مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، يشهد مشاركة ممثلي عدة منظمات حقوقية دولية وإقليمية والعديد من الخبراء والباحثين في مجال حقوق الإنسان من من تونس وبعض الدول العربية والأجنبية من بينها المغرب.