دعا مشاركون، في ندوة إقليمية تنظم حاليا بالرباط حول إصلاح قطاع الأمن ، إلى ضرورة إيجاد السبل الكفيلة بإرساء قواعد حكامة أمنية رشيدة تضمن انخراط المجتمع المدني بكافة فعالياته. وأكدوا خلال الندوة التي تنظم في موضوع "إصلاح قطاع الأمن: الإطار التشريعي ودور المجتمع المدني"، على ضرورة أن تمكن هذه الحكامة من تبديد مختلف مظاهر الجمود التي لا زالت تطبع علاقة المجتمع المدني بالمنظومات الأمنية في العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وشددوا خلال الندوة التي ينظمها مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، بتعاون مع مؤسسة المستقبل ومركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، على أن النسيج الجمعوي مدعو إلى مشاركة الأنظمة الأمنية في بلورة أسس حكامة أمنية تقوم على احترام ثقافة حقوق الإنسان والتعددية الفكرية، مشيرين إلى أن تحقيق هذا الهدف يتوقف على إيجاد مناخ ديمقراطي يشمل جميع مناحي الحياة العامة. وفي هذا السياق، أوضح رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية، السيد الحبيب بلكوش، أن منظومة المجتمع المدني المغربي شهدت دينامية ملحوظة خلال العقدين الأخيرين، شملت تطوير العلاقات التي تربطها بالنظام الأمني، لتتحول من علاقة مواجهة وصراع إلى علاقة حوار وتعاون. واعتبر السيد بلكوش أن مصاحبة المجتمع المدني تعتبر ضرورية لبلورة مقاربة أمنية تلتزم بأهم ضوابط ومحددات ثقافة حقوق الإنسان، حيث أن من شأن هذا التنسيق الحيلولة دون المساس بالحقوق المدنية للمواطنين، على ضوء السياسات الأمنية المنتهجة في مواجهة الخطر الإرهابي بالعديد من دول العالم. وأضاف السيد بلكوش، أن إصلاح تشريع قطاع الأمن يتطلب إضافة إلى المجهودات الحكومية والبرلمانية، إتاحة الفرصة للمجتمع المدني للإدلاء بوجهات نظره في السبل الكفيلة بتنفيذ هذا الإصلاح، ضمن إطار حداثي وديموقراطي. من جهته، قال مدير معهد دراسات الدفاع والأمن والسلم بأندونيسيا، السيد مفتي مكارم أن عنصر التوتر لا زال يشوب علاقة المجتمع المدني بالسلطات الأمنية في الكثير من دول العالم النامي، وذلك نتيجة غياب روح النقاش والحوار المنبني على قاعدة التعاون والتكامل. وأوضح السيد مكارم، أن تجاوز وضعية الصراع التي تطبع هذه العلاقة تتوقف على الانخراط في مسلسل إصلاحي يطال مختلف المناحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكذا الإشراك الكامل لجميع فعاليات المجتمع المدني. يذكر أن هذه الندوة، التي يؤطرها خبراء وباحثون ونشطاء من المغرب وبلدان مختلفة، تروم استعراض الفرص المتاحة لمنظمات المجتمع المدني لمواكبة إصلاح قطاع الأمن، وتقديم تجارب المجتمع المدني في ما يتعلق بالإطار التشريعي لهذا القطاع ،وكذا توفير فضاء للحوار بين الفاعلين في المجتمع المدني والقطاعات الحكومية المعنية وقوات الأمن والبرلمانيين لتطوير الثقة المتبادلة وتعزيز فرص التعاون. كما تتمحور هذه الندوة، التي تنظم في إطار مرافقة مسلسل الإصلاح في مجال حقوق الإنسان والديموقراطية ومتابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، حول مضامين ورهانات إصلاح قطاع الأمن من الناحية التشريعية ، ودور المجتمع في تطويره وتفعيل إصلاحه، إضافة إلى استعراض تجارب من شمال إفريقيا والشرق الأوسط في مجال تجميع النصوص التشريعية حول هذا القطاع.