افتتحت اليوم الاثنين بالرباط أشغال ندوة إقليمية تسلط الضوء على قدرات المجتمع المدني ، ودوره في المساهمة في تطوير الحكامة الجيدة لقطاع الأمن ،خاصة في ما يتعلق منها بالإصلاح التشريعي. وأكدت مداخلات الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة، التي ينظمها على مدى يومين مركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية ، بتعاون مع مؤسسة المستقبل ومركز جنيف للرقابة الديموقراطية على القوات المسلحة ،في موضوع "إصلاح قطاع الأمن: الإطار التشريعي ودور المجتمع المدني"، على أن الاشتغال على قضايا الأمن يتطلب فتح ورش دولي جديد على المستوى التشريعي، يشرك المنظمات الدولية المختصة ،ويستأنس بالتجارب الإقليمية في هذا المجال. في هذا السياق أكد رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية السيد الحبيب بلكوش على ضرورة مواصلة الحوار حول مجال الحكامة الأمنية، باعتباره ورشا استراتيجيا يندرج ضمن ترسيخ وتعزيز الاختيارات الديموقراطية للمغرب في مجال بناء دولة القانون وضمان نمو اقتصادي واجتماعي سليم. وأضاف السيد بلكوش أن الأمن مجال استراتيجي مهم لترسيخ دولة القانون، لكونه يشكل جزء من منظومة دولة الحق والمؤسسات، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذه المنظومة يتعين أن تندمج ضمن المشروع السياسي العام الهادف إلى ترسيخ الاختيارات الديموقراطية داخل المغرب، من خلال مقاربة تشاركية تهم مختلف الفاعلين في المجال. وأشار إلى أن المركز يواصل الاشتغال في هذا المجال بمشاركة خبراء من بلدان مختلفة على اعتبار أن قضية الأمن لا تقتصر على الأجهزة الأمنية فقط، بل تهم سياسة عمومية بكاملها تستوجب مرافقة ودعما وتقييما، مضيفا أنه يتعين استخلاص الدروس من التجارب السابقة والدفع بها نحو فضاء أرحب لخدمة الأهداف المتوخاة ضمانا للأمن وحماية لحقوق جميع فئات المجتمع. من جانبه، أبرز رئيس قسم إفريقيا والشرق الأوسط بمركز جنيف للرقابة الديموقراطية للقوات المسلحة السيد أرنولد لويتهولد ،أن المجتمع المدني يضطلع بدور أساسي في تطوير الإطار التشريعي في المجال الأمني على ضوء التحولات التي يعرفها العالم، مشيرا إلى أن العمل على احترام الإجراءات والتدابير المعمول بها يعزز ثقة المواطن في قطاع الأمن. وأضاف السيد لويتهولد أن المغرب، باعتباره من الدول الرائدة في المنطقة التي انخرطت في منظومة حقوق الإنسان، اختار وجهة الإصلاحات الجذرية لجعل الهيئات الأمنية في خدمة المواطن، من خلال تحسين إطارها التشريعي ووعيه بأن المؤسسات القوية تستلزم إطارا ملائما يتماشى مع المعايير الدولية في هذا المجال. وأكد ممثل مؤسسة المستقبل السيد الأسعد المساعدي، من جهته، أن المغرب يعد بلدا نموذجيا بالمنطقة في مجال دمقرطة الحياة العامة، وذلك من خلال المبادرات العديدة التي اتخذها في مجال النهوض بحقوق الإنسان. واستعرض السيد المساعدي، من جهة أخرى، المهام التي تضطلع بها مؤسسة المستقبل التي تعد منظمة غير حكومية تأسست لتعزيز الديموقراطية وتدعيم مبادرات هيئات المجتمع المدني الهادفة إلى إرساء دولة القانون واحترام حقوق الإنسان في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. من جانبه قال سفير سويسرا بالمغرب السيد برطران لويس، في كلمة بالمناسبة، إن سلطات بلاده تراقب باهتمام التجربة الغنية والفريدة التي راكمها المغرب في مجال المصالحة، والتي تشكل سبقا تاريخيا للمملكة بالمنطقة. وأعرب الدبلوماسي السويسري من جهة أخرى عن أمله في أن تمكن هذه الندوة مختلف الفاعلين من سلطات حكومية ووزارات معنية من مواكبة عملية الإصلاح التشريعي لقطاع الأمن، خاصة من خلال إشراك فعاليات المجتمع المدني. وتروم هذه الندوة، التي يؤطرها خبراء وباحثون ونشطاء من المغرب ومن بلدان مختلفة، استعراض الفرص المتاحة لمنظمات المجتمع المدني لمواكبة إصلاح قطاع الأمن، وتقديم تجارب المجتمع المدني في ما يتعلق بالإطار التشريعي لهذا القطاع ، وكذا توفير فضاء للحوار بين الفاعلين في المجتمع المدني والقطاعات الحكومية المعنية وقوات الأمن والبرلمانيين لتطوير الثقة المتبادلة وتعزيز فرص التعاون. كما يتمحور هذا اللقاء، الذي ينظم في إطار مرافقة مسلسل الإصلاح في مجال حقوق الإنسان والديموقراطية ومتابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، حول مضامين ورهانات إصلاح قطاع الأمن، ودور المجتمع في تطويره وتفعيل إصلاحه، إضافة إلى استعراض تجارب من شمال إفريقيا والشرق الأوسط في مجال تجميع النصوص التشريعية حول قطاع الأمن.