إخضاع الأمن للرقابة والمحاسبة البرلمانية يجنب الاعتباطية والتجاوزات دعا المشاركون في الندوة الإقليمية حول: ( إصلاح قطاع الأمن: الإطار التشريعي ودور المجتمع المدني)، إلى ضرورة مساهمة المجتمع المدني في تطوير الحكامة الأمنية، ومواكبة الإصلاح التشريعي الخاص بها، وتعزيز رقابة المؤسسة التشريعية على قطاع الأمن. وبينما اعتبر رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية الحبيب بلكوش، أن الحوار حول الحكامة الأمنية يعد ورشا استراتيجيا في مجال ترسيخ الاختيارات الديمقراطية، وبناء دولة القانون، أكد رئيس قسم إفريقيا والشرق الأوسط بمركز جنيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة، أرنولد لويتهولد، أن الأمنيين يفضلون المقاربة التقنية لإصلاح قطاعهم، من خلال تحديث آليات العمل ووسائل التدخل، مشيرا في ذات الوقت إلى أن المجتمع المدني مدعو إلى لعب دور أساسي في تطوير الإطار التشريعي لقطاع الأمن على ضوء التحولات التي يعرفها العالم. فيما أبرز سفير سويسرا بالمغرب، برتراند لويس، الحاجة إلى إشراك فعاليات المجتمع المدني، بالإضافة إلى مختلف الفاعلين، من سلطات حكومية ووزارات معنية في مواكبة عملية الإصلاح التشريعي لقطاع الأمن. واعتبر بلكوش، في افتتاح الندوة ،التي اختتمت أمس الثلاثاء بالرباط ، في إطار تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بشراكة بين مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية و مركز جنيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة، أن موضوع إصلاح الأمن كان يعتبر من المواضيع الحساسة، إلا أنه أضحى موضوعا عاديا يتم تناوله كباقي المواضيع التي تهتم بدور المؤسسات العمومية في تقدم البلاد. مضيفا أن المجتمع المدني مدعو إلى المواكبة والمساهمة في تعزيز الحكامة الجيدة لقطاع الأمن وخاصة ما يتعلق بالإصلاح التشريعي. وشدد رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، على أهمية قطاع الأمن كمجال استراتيجي لترسيخ دولة القانون، باعتباره يشكل جزء من منظومة دولة الحق والمؤسسات، هذه المنظومة التي يتعين أن تندمج ضمن المشروع السياسي العام الهادف إلى ترسيخ الاختيارات الديمقراطية للمغرب، من خلال مقاربة تشاركية تهم مختلف الفاعلين في المجال. وخلص بلكوش إلى أهمية توفير فضاءات للحوار بين مختلف الفاعلين في المجتمع المدني والقطاعات الحكومية وقوات الأمن والبرلمان، لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة لإصلاح قطاع الأمن. وبعدما نوه لويتهولد بتجربة المغرب، باعتباره من الدول الرائدة في المنطقة حيث انخرط منذ خمس سنوات في منظومة حقوق الإنسان، واختار وجهة الإصلاحات الجذرية، التي همت العديد من المجالات منها قطاع الأمن، لجعل الهيئات الأمنية خدمة كباقي الخدمات التي يستفيد منها المواطنون، من خلال تحسين إطارها التشريعي ووعيه بأن المؤسسات القوية تستلزم إطارا ملائما يتماشى مع المعايير الدولية في هذا المجال، أشار إلى أن العمل على احترام الإجراءات والتدابير المعمول بها يعزز ثقة المواطن في قطاع الأمن. ولن يتحقق هذا الهدف، حسب ممثل مركز جنيف للمراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة، إلا إذا أصبح هذا القطاع خاضعا للمحاسبة والمراقبة من طرف المؤسسة التشريعية، من أجل تجنب الاعتباطية ووقوع التجاوزات. نفس التنويه بالتجربة المغربية عبر عنه سفير سويسرا بالرباط، برتراند لويس، الذي أشار إلى أن بلاده تراقب باهتمام بالغ التجربة التي وصفها ب "الغنية والفريدة" التي راكمها المغرب في مجال المصالحة، التي تشكل سبقا تاريخيا في المنطقة. معبرا عن أمله أن تسهم الندوة الإقليمية في تعزيز مواكبة المجتمع المدني لمبادرات إصلاح قطاع الأمن، من خلال إشراك كل المجتمع المدني وكافة الفاعلين من قطاعات حكومية ومؤسسات معنية لبلورة إصلاحات تشريعية في المجال. وتهدف الندوة التي شارك فيها عدد من الباحثين والنشطاء الحقوقيين وخبراء في مجال الأمن من تركيا ومالي وفلسطين وباكستان وأندونسيا ولبنان والجزائر وفرنسا والمغرب، بالإضافة إلى استعراض الإمكانات المتاحة أمام منظمات المجتمع المدني لمواكبة إصلاح قطاع الأمن، عرض تجارب من دول المنطقة في ما يتعلق بتجميع النصوص التشريعية حول قطاع الأمن، وأيضا توفير فضاء للحوار بين فعاليات المجتمع المدني والقطاعات الحكومية المعنية وقوات الأمن والبرلمانيين لتطوير الثقة المتبادلة وتعزيز فرص التعاون بينها. وجاء تنظيم هذه الندوة في إطار متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي أوصت في تقريرها النهائي بضرورة تقوية الرقابة البرلمانية على قطاع الأمن، ومنح المؤسسة التشريعية سلطة استجواب جميع أعضاء السلطة التنفيذية، وقوات الأمن، وتشكيل لجان برلمانية لتقصي الحقائق وتعزيز قدرة المجتمع المدني على الرقابة، عن طريق تأمين الولوج إلى الإطار القانوني المنظم لقطاع الأمن وجعل التكوين على ثقافة حقوق الإنسان إلزاميا لضباط الشرطة.