أكد وزير الاقتصاد والمالية السيد صلاح الدين مزوار، اليوم الأربعاء بدمشق، على ضرورة التزام الدول العربية باختيارات تنموية واضحة توفر الرؤية اللازمة للفاعلين الاقتصاديين وتسهل انخراطهم ضمن شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص. كما دعا الوزير، في مداخلة له خلال مشاركته في أشغال الدورة العادية الثانية لمجلس وزراء المالية العرب الذي انعقد على هامش الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية التي انطلقت اليوم بدمشق برئاسة المغرب، إلى القيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية، ودعم القطاعات الاجتماعية، وتعزيز التضامن والتماسك الاجتماعي، مما يصب في الحفاظ على مناعة الاقتصادات العربية وتنويع روافد نموها وتثبيت شروط الاستقرار والارتقاء الاقتصادي والاجتماعي. وفي هذا الإطار، أشار السيد مزوار إلى ضرورة اعتماد آليات جديدة تستجيب وتتوافق مع الاحتياجات المستجدة لدول المنطقة لدعم جهودها للنهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، داعيا المؤسسات المالية العربية إلى وضع آليات جديدة وتسهيلات بشروط مناسبة لتوفير المزيد من الموارد المالية لمواجهة تقلبات الأسواق بالنسبة للدول العربية غير المصدرة للبترول، وتوفير قروض سريعة السحب لفائدة الدول الأعضاء لمواكبة جهودها في مواجهة الظرفيات الطارئة التي يعرفها الاقتصاد العالمي والمنطقة العربية. وأكد الوزير أنه بالرغم من النتائج المشجعة التي حققتها الدول الناشئة في ما يخص امتصاص تداعيات الأزمة وعودة انتعاش النمو فيها، فقد كان للسياسات المتبعة لمعالجة آثار الأزمة العالمية آثار سلبية على الاقتصاد العالمي ككل كالمخاطر الماكرو- اقتصادية والمخاطر المتعلقة بالبطالة والهشاشة الاجتماعية. وأوضح أن هذه الآثار تجلت في تنامي نسب الديون وزيادة نسب العجز العمومي ومخاطر الحماية المالية والتجارية وعدم الاستقرار النقدي من جهة، والمس بالمكتسبات المحققة في مجال التنمية البشرية من جهة أخرى. وأشار السيد مزوار، في هذا الصدد، إلى أنه رغم الجهود المبذولة من طرف الدول العربية في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية، لازالت هناك تحديات تواجهها، خاصة في ما يتعلق بالبطالة والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي، مما يتطلب تعبئة المزيد من الموارد المالية لتنفيذ البرامج المرتبطة بهذه القطاعات. وناشد الوزير الدول العربية توحيد الجهود في اتجاه الإنجاز الفعلي للأوراش العربية الكبرى، مع الحرص على تنسيق السياسات بينها والعمل على معالجة إشكالية التمويل وتذليل كافة العقبات لأجل إنجاح المسار الاندماجي العربي. وأكد من جهة أخرى على ضرورة مواكبة البنك الدولي للدول العربية، خاصة بعد إعادة الرسملة وتعزيز قدراته الإقراضية، وتكثيف تدخلاته في الدول ذات الدخل المتوسط، والاستجابة للحاجيات التمويلية المستعجلة للدول العربية، خاصة ارتباطا مع الظرفية العالمية والإقليمية من جهة. ويذكر أن السيد مزوار ترأس اليوم بدمشق الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، ويتعلق الأمر باجتماعات مجالس محافظي كل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وصندوق النقد العربي، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار، والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي. وتتدارس هذه الاجتماعات العديد من النقط التي تهم نشاط هذه الهيئات والمصادقة على التقارير السنوية لنشاطها التمويلي وحساباتها الختامية عن السنة المنصرمة، بالإضافة إلى اعتماد الميزانيات الإدراية لهذه المؤسسات.