أكد عدد من الفاعلين الحزبيين والجمعويين أن إعادة الثقة للمجتمع المغربي في العمل السياسي يقتضي تقوية الآلية الديمقراطية وتأهيل الحقل السياسي وتعزيز مصداقية الفاعلين السياسيين. وقال السيد خالد الحريري، عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في برنامج "مباشرة معكم"،الذي بثته القناة الثانية مساء أمس الأربعاء، والذي خصص لمناقشة موضوع "المؤسسات المغربية وأزمة الثقة داخل المجتمع"، إن العمل السياسي بالمغرب يعاني منذ مدة من أزمة ثقة "تتجلى على الخصوص في انخفاض المشاركة في العملية الانتخابية التي لم تتجاوز نسبتها 37 في المائة في انتخابات 2007". وأضاف أن ما وقع في تونس ومصر مؤخرا دفع بالشباب المغربي إلى الاهتمام بالسياسة من خلال حركة 20 فبراير التي طالبت بممارسة سياسية مختلفة، داعيا إلى العمل على استرجاع الثقة في العمل السياسي بتوقيف مسلسل "التبخيس السياسي والإعلامي، وفسح المجال لقيادات جديدة في الأحزاب السياسية، واعتماد انتخابات ديمقراطية، والانفتاح على القوى الحية في المجتمع، والعودة إلى المبادئ والقيم". ومن جهته، اعتبر السيد عبد القادر الكيحل الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية، أن أزمة الثقة لدى المجتمع المغربي لا ترتبط بالأحزاب بقدر ما هي مرتبطة بالعمل السياسي وبالانتخابات على الخصوص "مما أدى إلى فقدان الثقة في الآلية الديمقراطية نفسها". وأضاف السيد الكيحل أن تجاوز هذه الأزمة يقتضي نهج حكامة سياسية ومواجهة المفسدين وممارسة النقد الذاتي داخل الأحزاب وفسح المجال للتداول بين الأجيال والوضوح في الرؤية وتكافؤ الفرص والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، داعيا الأحزاب إلى الانخراط في إصلاحات جوهرية تتجاوب مع مطالب القوى الوطنية. وبالنسبة للسيد علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، فقد أشار إلى أن "أزمة الثقة لا تعني العمل النقابي فقط وإنما تعني أساسا الدولة والحكومة ودورهما في العمل السياسي". وأضاف أن عملية استرجاع الثقة ليست بالعملية السهلة، بل تقتضي إرادة سياسية قوية لمعالجة الاختلالات والاستجابة لانتظارات الشعب المغربي، و"اعتماد آليات تعزيز الثقة كآلية المراقبة وربط المسؤولية بالمحاسبة والقضاء على اقتصاد الريع ونهب الثروات". وفي ما يتعلق بتجليات أزمة الثقة في المجال الإعلامي، أشار السيد عبد المنعم الديلمي رئيس مجموعة "إيكوميديا" إلى أن هذه الأزمة تتجلى في انخفاض معدلات القراءة بالمغرب، مبرزا أن "من بين عوامل أزمة الثقة في العمل السياسي ازدواجية الخطاب والشعارات لدى الفاعل السياسي". وأضاف السيد الديلمي أن للإعلام دورا أساسيا في الساحة السياسية، وقال إنه "لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية بدون إعلام قوي ورواج للمعلومة داخل المجتمع". من جهته، أكد السيد عبد المالك الكتاني، رئيس جمعية (بدائل )،أن الأحزاب السياسية "تضم شخصيات فاقدة للمصداقية لدى الرأي العام" مما يساهم في أزمة الثقة في العملية السياسية، فيما تنخرط بعض الأحزاب في عدد من الممارسات التي تضر بصورتها في المجتمع. وأشار كذلك إلى أن "هناك إشكالية مطروحة في المجال الإعلامي وخاصة الإعلام السمعي البصري"، وأكد على ضرورة انفتاح الإعلام على المجتمع المدني. أما سارة سوجار، فاعلة جمعوي، فاعتبرت أن من أسباب أزمة الثقة في العمل السياسي "الإحساس بالتهميش وانتشار الوصاية والرشوة والمحسوبية والزبونية وانعدام النقد والمحاسبة". وقالت السيدة سوجار إن استرجاع الثقة ينبغي أن يمر عبر اعتماد نمط من التعليم يربي الأجيال على النقد والمساءلة، وتحرير الإعلام لنقل الحقائق، وتفعيل دور المثقف وتحرير الفكر لإيجاد حلول للواقع، وإنتاج خطاب يتجاوب مع المجتمع، وتنمية الوعي السياسي، فضلا عن "حل مشكلة توزيع الثروات وإقرار المساواة والديمقراطية الحقيقية".