شهد الوضع الأمني في البحرين تدهورا منذ بداية الأسبوع الجاري،بعدما عزز المتظاهرون من تواجدهم في منطقة (دوار اللؤلؤة)،القلب النابض للعاصمة المنامة،وكثفت قوى الأمن انتشارها من أجل فرض سلطة القانون وعودة الاستقرار إلى المملكة. فقد اندلعت اشتباكات عنيفة بين شبان يحملون عصيا ومديات وقوى الجيش في أحداث متفرقة وقعت أمس الثلاثاء بدوار اللؤلؤة،واسمه الرسمي "دوار مجلس التعاون الخليجي"،تدخل خلالها رجال الأمن لتفريق المتظاهرين الذين ينتمي غالبيتهم إلى جماعة شيعية تطالب بإصلاحات سياسية في المملكة. وصباح اليوم الأربعاء،فككت قوى الأمن التي انتشرت على نطاق واسع،خياما نصبها معتصمون في مجمع السلمانية الطبي للتعبير عن مطالبهم السياسية. وذكر التلفزيون البحريني أن قوات الأمن "أزالت كافة الخيام التي نصبها الخارجون عن القانون،والتي تسببت فى تعطيل تقديم الخدمات الطبية إلى المرضى والمصابين،فضلا عن استخدامها كمنبر غير شرعي لبث التحريض الطائفي في البلاد". وعرض التلفزيون المحلي مشاهد مصورة تظهر قوات الأمن البحرينية وهي تباشر "عملية تطهير مجمع السلمانية الطبي من الخارجين على القانون"،ومشاهد أخرى تظهر قيام قوات الأمن ب"تطهير دوار (مجلس التعاون) وفرار المعتصمين من الدوار وهم حاملين للسيوف والأسلحة البيضاء". من جهة أخرى،أعلنت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين،أنها شرعت ابتداء من صباح اليوم الأربعاء في "عملية تطهير منطقة دوار مجلس التعاون والمرفأ المالي ومستشفى السلمانية من الخارجين عن القانون". وأكد بيان للقيادة يحمل رقم 3 نشر اليوم،أن قوات الأمن العام والحرس الوطني شرعا،بمساندة من قوة دفاع البحرين،صباح اليوم في "عملية تطهير منطقة دوار مجلس التعاون والمرفأ المالي ومستشفى السلمانية وما حولهم وإخلائهم من الخارجين عن القانون الذين روعوا المواطنين والمقيمين وأرهبوهم وأساؤوا للاقتصاد الوطني". وأضاف المصدر ذاته أنه تم "تنفيذ العملية حسب الخطة الموضوعة لها بكفاءة واحتراف مع مراعاة سلامة الجميع". ودعت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين المواطنين جميعا إلى "إعادة الأمور إلى طبيعتها"،مؤكدة "أنها ستتخذ كافة التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة لبسط الأمن والنظام العام للمحافظة على الوطن والمواطنين". وناشد بيان القيادة العامة المواطنين والمقيمين ب'"الابتعاد عن التجمهر في المناطق الحيوية وسط العاصمة حفاظا على سلامتهم". وعلى صعيد متصل،أعلنت وزارة الداخلية البحرينية اليوم الأربعاء،عن مقتل إثنين من رجال الأمن في حوادث دهس متعمدة بالسيارات من قبل المحتجين في دوار مجلس التعاون. وأفاد الناطق باسم الوزارة في بيان صحفي نشر اليوم،أن "إثنين من عناصر الأمن استشهدا،أثناء عملية إخلاء دوار مجلس التعاون من المحتجين،وذلك في حوادث تعمد خلالها بعض الأشخاص المحتجين دهسهم بالسيارات مما أدى الى مصرعهم". وأكد أنه تم "إلقاء القبض على عدد من المتورطين في هذا العمل الإجرامي الشنيع"،مبرزا أن قوات الأمن العام وبمساندة من قوة دفاع البحرين،"شرعت في إزالة الحواجز الموجودة في شارع خليفة بن سلمان،مانحة الوقت الكافي للمتواجدين فيه لإخلائه والانسحاب منه،حيث واجهت عددا كبيرا من الكمائن التي تم نصبها من قبل الأشخاص المحتلين وذلك بقصد عرقلة تقدم القوات". وأشار البيان إلى أن "المحتجين أقاموا عدة متاريس وسارعوا بحرق الخيام وتفجير أسطوانات الغاز،مما أدى إلى تصاعد الدخان الكثيف. كما تم إطلاق نار كثيف من عدة أماكن بالمنطقة المحيطة بالدوار باتجاه رجال الأمن". وفي ظل استمرار تأزم الوضع في المملكة اليوم ،سارعت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين،إلى إعلان حظر جزئي للتجول والتجمع في بعض المناطق. وأكد متحدث باسم القيادة،في بيان يحمل رقم 4،أنه "يفرض منع التجول اعتبارا من اليوم الأربعاء وحتى إشعار آخر ويسري من الساعة الرابعة مساءا ولغاية الرابعة صباحا". وبحسب البيان "يمنع التجمهر أو التجمع أو عقد المسيرات أو الاعتصامات في كافة أنحاء مملكة البحرين حتى تعود الأمور إلى طبيعتها". كما يدعو البيان المواطنين والمقيمين إلى "التعاون التام مع نقاط التفتيش حفاظا على سلامتهم "،مشددا على أن "من يخالف هذه التدابير سوف تتخذ بحقه الإجراءات القانونية اللازمة". وكان مدير القضاء العسكري بجهاز الدفاع البحريني،قد أعلن أمس،عن حالة الطوارئ في جميع أنحاء المملكة اعتبارا من يوم أمس ولمدة ثلاثة أشهر". ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن المسؤول ذاته قوله في بيان صحفي،"إنه ونظرا للظروف التي تمر بها البحرين حاليا،فقد أصدر ملك البلاد مرسوما ملكيا بشأن إعلان حالة السلامة الوطنية (الطوارئ) في مجموع تراب المملكة". وأشار إلى أن هذا الإعلان "تم بعد أن تعرضت البلاد لظرف غير عادي يهدد أمن الوطن في جميع أنحاء المملكة"،وذلك بهدف "الحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين وسرعة السيطرة على الوضع القائم". ولتحقيق هذه الغاية،يضيف المسؤول ذاته،"فإن الأمر يتطلب إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة بحق الخارجين على القانون وفرض هيبة الدولة،حيث تم تكليف القائد العام لقوة دفاع البحرين بتنفيذ عدد من التدابير والإجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة المملكة،من ضمنها منع التجول في أماكن وأوقات معينة،وإخلاء بعض المناطق،ومنع التجمعات المخلة بالنظام العام،ووضع ضوابط على ارتياد بعض المناطق أو الخروج منها وكذلك التفتيش والقبض على المشتبه بهم". وعلى الصعيد الاقتصادي،تسببت الأوضاع الأمنية في المملكة في هبوط الدينار البحريني إلى أدنى مستوى له منذ عدة سنوات في السوق الآجلة اليوم. واضطر البنك المركزي للانتقال إلى مقر بديل بعد حملة أمنية على محتجين أدت لإغلاق الحي التجاري. وقال متعاملون مع البنك المركزي البحريني في تصريحات صحفية نشرت اليوم،إن "السعر الفوري تراجع لفترة وجيزة عن سعر ربط الدينار بالعملة الأمريكية ليصل إلى 37716ر0 دينار بسبب المخاوف الأمنية وحالة عدم التيقن بشأن ما إذا كان البنك المركزي مستمرا في العمل". غير أن متحدثة باسم البنك المركزي،أكدت في تصريح مماثل،أن نظام المدفوعات بين البنوك المحلية "يعمل بشكل طبيعي وأن الخدمات المصرفية تقدم لجميع بنوك التجزئة المفتوحة،رغم الأحداث الراهنة في المملكة". وتجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت قد قررت أول أمس إرسال نحو 500 شرطي إلى مملكة البحرين للمساهمة في حفظ الأمن والنظام في هذا البلد الخليجي. وبدورها،أرسلت المملكة العربية السعودية قوات عسكرية إلى البحرين أمس للمساعدة في إرساء النظام وحفظ الأمن،وهو الأمر الذي وصفته وزارة الخارجية الإيرانية ب"غير المقبول" ولن يؤدي إلا إلى " تعقيد المسألة أكثر". وقد قوبل الموقف الإيراني بانتقاد فوري من لدن الخارجية البحرينية،معتبرة إياه "تدخلا سافرا في شؤونها وتهديدا لأمن المنطقة". كما سارعت الخارجية البحرينية إلى استدعاء سفيرها لدى طهران للتشاور،بصفة فورية بشأن موقف طهران حيال الدعم الأمني الخليجي للمنامة.