أكد حزب التقدم والاشتراكية أنه لا يمكن أن ينخرط إلا في الحركات السياسية والاجتماعية المنظمة والمسؤولة، والتي توظف آليات وأساليب الصراع الديمقراطي السلمي من داخل المؤسسات. وأوضح الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ، في بلاغ أصدره عقب اجتماعه أول أمس الثلاثاء ، أن الحزب ، "الوفي لمبادئه الثابتة، وخطه السياسي في النضال الديمقراطي، وقيمه التقدمية الخالصة، لا يمكن أن ينخرط إلا في الحركات السياسية والاجتماعية المنظمة والمسؤولة، الهادفة إلى تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والتي توظف آليات وأساليب الصراع الديمقراطي السلمي من داخل المؤسسات، وتنبذ الفوضى وتحفظ الاستقرار الضروري لتحقيق التقدم". وأضاف البلاغ أن هذه الحركات يجب ، أيضا ، أن تمكن من "إعطاء دفعة جديدة لدينامية الإصلاح التي انطلقت منذ تسعينيات القرن الماضي وما راكمته بلادنا من مكتسبات، وتقضي على مظاهر التراجعات والإنحرافات عن التوجه الذي انخرطت فيه البلاد منذ حكومة التناوب التوافقي، ويجنبها مخاطر السعي الممنهج لبعض الجهات لإفراغ الحل الوسط التاريخي من مضمونه الديمقراطي والتقدمي، ويكرس أكثر الالتفاف البناء والمثمر للقوى الحية بالبلاد حول المؤسسة الملكية والمشروع الوطني التحديثي". واعتبر أن الظرف الوطني، والسياق الجهوي والدولي، يفرضان، أكثر من أي وقت مضى، التحلي بالشجاعة السياسية، والروح الوطنية العالية، واستحضار التحديات التي يتعين على المغرب مجابهتها، وفي مقدمتها توطيد وحدة التراب الوطني، وإنجاح مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية. وشدد على أن الوعي بصدارة قضية الوحدة الترابية للمملكة وبضرورة ضمان النصر النهائي لها يمر حتما عبر تقوية وتحصين الجبهة الداخلية، من خلال الشروع في جيل جديد من الإصلاحات، الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي من شأنها أن "تعزز من وضع بلادنا أمام المنتظم الأممي وشركائها الأساسيين، وفي مواجهة أعداء وخصوم وحدتنا الترابية، من خلال إعطاء نفس جديد لمسلسل البناء الديمقراطي المعتمد على دولة قوية بمؤسساتها الديمقراطية، وحكامتها الجيدة ونمائها الاقتصادي وعدالتها الاجتماعية واحترامها لحقوق الإنسان". إن هذه الظرفية الدقيقة تستدعي، يضيف البلاغ ، ضرورة الإقدام باستعجال، على اتخاذ مبادرات سياسية قوية وجريئة محملة بإشارات دالة، تسمح بتحويل مضامين الجيل الجديد من الإصلاحات إلى أجندة مضبوطة، وإجراءات ملموسة، وتدابير محددة، تنعكس إيجابا على الحياة السياسية والمؤسساتية، وعلى المعيش اليومي للمواطنين في مختلف المجالات، وتفتح أمامهم آفاق الثقة في المستقبل. وأبرز أن المضمون الدستوري للجيل الجديد من الإصلاحات، يتمثل في إقامة توازن جديد للسلط، يحفظ للمؤسسة الملكية المؤتمنة على إمارة المؤمنين دورها في التوجيه والتحكيم والسهر على السيادة والوحدة الوطنيتين والتوجهات الكبرى للبلاد، وعلى مقومات النموذج الديمقراطي، ويعزز اختصاصات السلطة الحكومية في تدبير السياسات العمومية، في إطار فصل حقيقي للسلط، يقوي صلاحيات السلطة التشريعية، ويكرس استقلالية القضاء، مع دسترة المكتسبات المحققة في مجال حقوق الإنسان والمسألة الأمازيغية. وأكد الديوان السياسي للتقدم والاشتراكية أن ربح رهان الديمقراطية والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية، "يسائل في المقام الأول القوى الوطنية والتقدمية، ممثلة في أحزاب الكتلة الديمقراطية وأحزاب اليسار، المطالبة بالمزيد من تكاثف الجهود، وإنجاز المراجعات الداخلية المطلوبة، والشروع دون إبطاء في التأسيس لجبهة وطنية وتقدمية متراصة، بمقدورها تغيير موازين القوى، والعمل على أن يتم الإنصات لمطالب الإصلاح والديمقراطية ، من أجل تجاوب جدي مع الأجندة الوطنية للإصلاح والتغيير، باعتبارها المرجع الأساس لكل مقاربة إصلاحية وطنية مستقلة، غير خاضعة لأي تأثير خارجي مغرض. وأوضح أن من شأن الإصلاحات التي يطالب بها الحزب في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، أن تعطي نفسا جديدا للإنجازات التي تحققت في العقد الأخير، "بل هي المدخل الأساس الذي يسمح للمغرب بمعالجة جذرية لمسألة التنمية الاقتصادية، عبر سياسة شمولية ومندمجة توفر شروط الالتقائية والتكامل بين مختلف الاستراتيجيات القطاعية". وبخصوص الحقل السياسي والحزبي الوطني ، دعا الديوان السياسي إلى "معالجة الانحرافات وتصحيح الاعوجاجات التي ظهرت في السنوات الأخيرة، وإلى إصلاحات عميقة تجنب البلاد مخاطر استنساخ تجارب رديئة وبئيسة لممارسة حزبية هيمنية" ، مما سيؤمن تطوير تجربة البناء الديمقراطي وإعادة الاعتبار والمصداقية للمؤسسات المنتخبة وللأحزاب السياسية . وخلص البلاغ إلى أن البلاد أبانت في الحقبة الأخيرة أنها قادرة على رفع هذه التحديات الكبرى، وعلى الخروج منها أكثر ديمقراطية وقوة وتقدما، وذلك عبر الإقدام على مبادرات جريئة ومتجددة، والارتكاز على المكتسبات المحققة في السنوات الأخيرة، باعتماد خارطة طريق واضحة لإنجاز الإصلاحات الكفيلة بصيانة الديمقراطية وتطويرها، مع التحلى بالقدر الكافي من اليقظة، للحيلولة دون انقضاض قوى سياسية مغامرة أو غير مسؤولة أو لا أفق لها، أو تيارات رجعية، على المنجزات والمكتسبات، إصلاحات كفيلة كذلك بتوسيع فضاء الممارسة الديمقراطية والحريات العامة، الفردية والجماعية، وضمنها حرية الرأي والتعبير، التي قطعت أشواطا هامة ببلادنا، والتي هي في أمس الحاجة إلى المزيد من التطوير.