قال العديد من مهنيي الصحافة الدولية أمس الإثنين ببروكسيل أن الموقف المسبق لبعض وسائل الإعلام الإسبانية، التي أظهرت بشكل واضح موقفها المنحاز لأطروحة انفصاليي "البوليساريو" على إثر الأحداث المأساوية التي شهدتها مدينة العيون، يشكل انزلاقا خطيرا للإعلام الأوروبي. وأدان ممثلو وسائل إعلام ومنظمات صحفية دولية، قاموا بتنشيط ندوة صحفية حول موضوع "نزاع الصحراء: بين الدعاية، والتضليل وأخلاقيات مهنة الصحافة، " الحملة الدعائية التي شنتها بكل وضوح بعض وسائل الإعلام، خاصة الاسبانية في المغرب، والتي تندرج في إطار الأجندة السياسية لأعداء المملكة وذلك من خلال استغلال صور فوتوغرافية ملفقة". وحسب الصحفي الإسباني ايغناسيو مارين أرو فإن بعض وسائل الإعلام الإيبيرية "لم يكن لها أية ذرة ضمير لمجانبة الحقيقة إثر الأحداث التي شهدتها مدينة العيون خلال عملية تفكيك مخيم كديم إيزيك، ولم تتردد في استخدام صور الأطفال الفلسطينيين ضحايا النزاع في الشرق الأوسط أو صور مستعارة لجريمة بشعة ارتكبت في مدينة الدارالبيضاء المغربية". وأضاف في السياق ذاته "ليس هناك شك في أن هذه الصحافة التي لا تحترم الضوابط الأخلاقية للمهنة ،هي وصمة عار على الصحافة الدولية والأوروبية بشكل خاص''،مشيرا الى أنه في مثل هذه الحالات كان يتعين على الصحفي المهني التحلي بنظرة نقدية وأخذ المسافة الضرورية في البحث عن الحقيقة بعنها ، مشددا على أن ''من المطلوب أيضا إعطاء الكلمة لمختلف الأطراف في النزاع وتقديم حججهم ووجهات النظر بكل صدق وموضوعية''. ومن جانبه، قال مسؤول الاتصال وحقوق الإنسان بالفدرالية الدولية للصحفيين السيد إرنيست ساغاغا إن "الحقيقة كانت هي الضحية الأولى لهذه المعالجة المتحيزة والمجانبة للصواب من قبل بعض وسائل الإعلام الأوروبية للأحداث التي وقعت في مدينة العيون". كما ندد باستخدام وسائل الإعلام، المطلوب منها سرد الحقائق والوقائع بأمانة، لأغراض دعائية لأطراف محددين، معربا عن صدمته لعملية تلفيق الصور التي لم تكن لها أية علاقة بأحداث العيون. وبعد أن وصف هاته الممارسات ب"الخطيرة جدا" والتي "لاتشرف المهنة"، ذكر السيد ساغاغا بأن الفيدرالية الدولية للصحفيين نددت بهذا الإنزلاق وباستغلال الصور التي تم بثها من قبل منظمة موالية "للبوليساريو" قبل أن يتم أخذها من قبل وسائل إعلام إسبانية. ودعا السيد إرنيست ساغاغا وسائل الإعلام ،خاصة الأوروبية منها الى تكثيف اليقظة وتجنب إثارة نزاع استمر طويلا. وفي السياق ذاته أدانت المحامية الفرنسية السيدة لطيفة آيت باعلا بانزلاق وسائل الإعلام هاته والتي كانت ب"طرفا أساسيا في عملية التضليل"، مؤكدة أن ''الحقيقة ستبزع في نهاية المطاف، وأن مصداقية وسائل الإعلام هاته ستتضرر". وقالت إن المعالجة المتحيزة للأحداث المأساوية في العيون، والتي راح ضحيتها العديد من عناصر قوات حفظ الأمن المغربية، تثير العديد من التساؤلات حول "تحرير وسائل الإعلام في علاقة مع عالم السياسة"، داعية إلى "احترام أخلاقيات مهنة الصحافة والحقيقة بعيدا عن أي اعتبار سياسي". وخلال هذه الندوة ندد إثنان من أفراد أسرة ضحايا جريمة الدار البيضاء باستغلال صورة التقطت من مسرح الجريمة والتي قدمتها وسائل إعلام إسبانية على أنها كانت لضحايا أحداث العيون. وأعربا، والدموع تنهمر من عيونهما، عن صدمتهما لرؤية هذه الصور التي أحيت مرة أخرى مشاعر الحزن العميق والصدمة، مما جعلهما يسترجعان اللحظات الأولى لهذه الجريمة النكراء، في وقت لم يندمل فيه الجرح بعد. وبعد أن شجبا استخدام هذه الصور النمطية الرامية للمس ببلدهما، أشارا أيضا إلى أنهما سيرفعان دعوى قضائية ضد وسائل الإعلام هاته التي "لم تأخذ بعين الاعتبار مشاعر أقارب الضحايا، في تجاهل لمبادئ أخلاقيات مهنة الصحافة". وقد تميزت الندوة الصحفية بعرض بعض المقتطفات من ربورتاجات وصور استعملتها وسائل الإعلام هاته في إطار تغطيتها "المتحيزة والموجهة" لأحداث العيون ضد المغرب. كما شارك في هذا اللقاء كل من رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، نائب رئيس الفدرالية الدولية للصحفيين، السيد يونس مجاهد، ورئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين السيد عبد الناصر النجار.