تعتبر سنة 2009 سنة تألق الدراجة الوطنية بامتياز على المستوى الإفريقي في انتظار دورة الألعاب الأولمبية المقررة بلندن عام 2012 ، والتي يعقد عليها المسؤولون آمالا عريضة لإعادة كتابة تاريخ " الأميرة الصغيرة ". ونجحت رياضة سباق الدراجات في إيجاد موطىء قدم لها بين البلدان الرائدة في هذا المجال وخاصة على الصعيد الإفريقي ، سواء من خلال فوز دراجيها بالعديد من السباقات على الطريق أو من خلال النجاح الذي لقيه تنظيم طواف المغرب، وأيضا على مستوى التمثيلية في الهيئات الرياضية القارية والدولية. فعلى الصعيد الإفريقي ، سرقت رياضة سباق الدراجات المغربية الأضواء بتألقها في مختلف الطوافات التي خاضت العناصر الوطنية غمارها سواء على مستوى الترتيب الفردي أو حسب الفرق. كما توج المغرب ، في يناير الماضي، كأفضل فريق إفريقي في الدورة الرابعة للطواف الدولي للغابون "تروبيكال أميسا بونغو" ، وهي المسابقة التي انتزع فيها عادل جلول القميص المخصص لأحسن دراج إفريقي في الطواف ، الذي نال لقبه الفرنسي ماثيو لدانوس. وفي الشهر الموالي، أنهى المنتخب المغربي مراحل طواف مصر (10 إلى 15 فبراير) في المركز الثالث في الترتيب العام النهائي حسب الفرق ، خلف منتخبي البلد المضيف وتركيا ، وفي سجله أيضا الفوز بمرحلتين بواسطة كل من محسن الرحايلي (الثانية) وطارق الشاعوفي (الرابعة). وكانت بداية التألق الحقيقي للعناصر الوطنية في شهر أكتوبر، حيث توج عبد العاطي سعدون بطلا لطواف تونس، فيما نال الفريق المغربي اللقب حسب الفرق . وفي بداية شهر نونبر ، كرس سعدون جاهزيته وتألقه عندما فاز بلقب الدورة ال23 لطواف بوركينا فاصو (23 أكتوبر إلى فاتح نونبر)، والذي تميز بمشاركة مكثفة للدراجين المغاربة. فقد انتزع الدراجون المغاربة اللقب حسب الفرق واحتكروا جميع الأقمصة ، حيث عاد قميص أفضل متسابق إفريقي لعبد العاطي سعدون (الفائز بلقب الطواف سنة 2002) والقميص المخصص لأفضل دراج يمتاز بالسرعة النهائية لعادل جلول وقميص أصغر دراج وناله محسن لحسيني. واكتسى هذا اللقب، وهو الثالث للمغرب في هذه المسابقة (سعدون 2002 و2009 وجلول 2007) أهمية كبيرة بالنسبة للدراجين المغاربة ، الذين صنفهم المتخصصون والمتتبعون بأنهم الأفضل على المستوى التقني التكتيكي ، بحيث تمكنوا بفضل عملهم الجماعي من تجاوز أعتى مدارس سباق الدراجات كفرنسا وبلجيكا. وأنهى عادل جلول، صاحب الفوز الوحيد بإحدى مراحل طواف المغرب، الموسم بامتياز بفوزه بطواف رواندا أمام مواطنه سعدون والرواندي أدريان نينشوتي ، فيما أحرز الفريق المغربي اللقب حسب الفرق. -- المشاركة في الألعاب الأولمبية لندن 2012 : الهدف المنشود. لقد تمكن المغرب بفضل مشواره الناجح في الطوافات الإفريقية من احتلال صدارة الترتيب الإفريقي ( دوري إفريقيا) وانتزاع المركز الثالث خلال البطولة الإفريقية التي احتضنتها العاصمة الناميبية ويندهوك من 3 إلى 8 نونبر الماضي، في الوقت الذي احتل فيه عبد العاطي سعدون المرتبة الرابعة في السباق على الطريق. وتبقى النتائج التي حققها المتسابقون في دورة ويندهوك جد مشرفة باعتبار أن النخبة الوطنية التي يشرف على تأطيرها المدير التقني الوطني مصطفى النجاري والمتشكلة من سعدون وجلول ولحسيني ومحمد سعيد عموري والشاعوفي وعدنان عربية ، حلت خلف فريقين يعدان الأقوى على الصعيد الإفريقي وهما جنوب إفريقيا وناميبيا وبفضل المكانة المتميزة التي بات يحتلها المغرب باعتباره من أفضل المنتخبات قاريا، أصبح من البديهي التفكير بجدية في دورة الألعاب الأولمبية للندن، وهو ما بدأ التحضير له جديا . فبفضل هذه الألقاب والنتائج التي سجلها في الطوافات الإفريقية حصد الفريق الوطني نقاطا في ترتيب الدوري الإفريقي مما يقربه أكثر فأكثر من دورة لندن. . -- طواف المغرب يسير بخطوات تابثة نحو العالمية : حققت الدورة أل22 من طواف المغرب التي أقيمت على مسافة 1462 كلم بوسط وجنوب المملكة، خطوة إيجابية جديدة لهذه المسابقة، التي استعادت إشعاعها بفضل المجهودات الجبارة لجميع الفاعلين في حقل الرياضة وسلطة الإشراف . وتوفرت لهذه الدورة، التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، جميع سبل النجاح سواء على مستوى السلامة والتطبيب والإقامة أو الحماس الذي يرافق الطواف بمختلف المناطق التي يعبرها. ومن أبرز ما ميز طواف دورة 2009، تعبئة المصالح الصحية على مستوى الجهات إضافة إلى العمل الجبار الذي قامت به الوحدة التي ترافق بصفة مستمرة القافلة ، والمتشكلة من طبيبين إثنين وممرضين والمجهزة بإمكانات لوجيستيكية هامة. -- اعتراف من لدن الهيئات الرياضية القارية والدولية : موازاة مع النتائج التي تحققت خلال مراحل الطواف ، بدأت رياضة سباق الدراجات المغربية تفرض ذاتها أيضا داخل الهيئات الرياضية القارية والدولية ، وهو ما يشكل اعترافا بالمجهودات التي تبذلها الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات من أجل إعادة أمجاد الدراجة الوطنية. ففي فبراير الماضي ، انتخب الكاتب العام للجامعة ، عبد الخالد خلدون، عضوا باللجنة التنفيذية للكونفدرالية الإفريقية وممثلا للقارة في الاتحاد الدولي لسباق الدراجات ، وذلك خلال مؤتمر الكونفدرالية الإفريقية المنعقد بشرم الشيخ بمصر. وكانت هذه أول مرة ينتخب فيها المغرب عضوا في هذه الهيئة الرياضية المسيرة التي تتشكل من ثمانية أعضاء. وفي شتنبر المنصرم، تم تعيين عضو آخر من الجامعة الملكية المغربية للدراجات، لحسن بوطيب ، سفيرا للاتحاد الدولي ، على هامش أشغال المؤتمر العالمي ال178 بسويسرا ومنحه بالمناسبة وسام الاستحقاق اعترافا بالخدمات التي أسداها للدراجة المغربية بصفة خاصة والدولية بصفة عامة. كما تم بالمناسبة منح وسام الاستحقاق للصحفي عبد اللطيف الشريبي أحد قيدومي الإعلام الرياضي بالمغرب الذي تولى تغطية 21 طوافا للمغرب مكافأة له على إسهاماته في النهوض بهذه الرياضة وتعميمها. -- عبق تتويجات ولحظات حزن : لم تكن سنة 2009 كلها سنة نشوة انتصارات وعبق تتويجات ، بل كانت أيضا سنة دموع وأحزان بالنسبة للدراجة الوطنية ، التي ودعت إثنين من رموزها وهما محمد بهلول وكندورة الأشهب. ففي يناير الماضي، انتقل إلى عفو الله ، كندورة الأشهب ، الذي ينتمي إلى الجيل الذهبي لرياضة سباق الدراجات بالمغرب في عقدي الستينيات والسبعينيات، عن عمر يناهز 65 سنة. وشارك الفقيد على الخصوص في الألعاب الأولمبية بروما سنة 1960 إلى جانب الدراج الأسطورة محمد الكورش ، الفائز ثلاث مرات بطواف المغرب ( رقم قياسي )، والمرحوم عبد الرحمان الفاروقي، وتألق في مختلف الاستحقاقات الوطنية والدولية . كما غادرها إلى دار البقاء في شهر أبريل ،الحاج بهلول ، نائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات، عن سن 93 سنة. وكان الفقيد أول مغربي يفوز بإحدى مراحل طواف المغرب في نهاية الثلاثينات ، وأحد مؤسسي الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات بعد الاستقلال وأول مدرب ومدير تقني للمنتخب الوطني . كما ساهم في تأطير العديد من الأبطال المغاربة من بينهم محمد الكرش والمرحوم الفاروقي ومصطفى النجاري والرحايلي وبلقاضي وغيرهم كثير .