... ونحن نودع سنة 2009، بكل ايجابياتها القليلة والقليلة جدا وسلبياتها العديدة التي يعرفها البعيد والقريب من المتتبعين للميدان الرياضي الوطني، لا بد أن نقف لتحية رياضة ورياضيين شرفوا الراية الوطنية ومثلونا تمثيلا أكثر من مشرف، ومنحوا المغرب رتبة لم تمنحها حتى الرياضات التي تنعم في الخير والخمير وتغترف من المال ما لا يتوفر لهذه الرياضة ولمسؤوليها الذين يجاهدون ويكابدون من أجل أن يعيدوا لها ولممارسيها صيتها ورفعتها... أعني بهذه الرياضة، رياضة سباق الدراجات، وأعني كذلك رئيسها الأستاذ بلماحي ومكتبها الجامعي، وأعني أيضا ممارسيها ومدربيها الذين لم تأخذ منهم جميعا قلة ما باليد مأخذها، والرضوخ للأمر الواقع اعتبارا لما كانت عليه رياضة سباق الدراجات من سوء تسيير وتدبير أحيانا ، ومن عشوائية وغياب الشرعية أحيانا أخرى ، لكن وفي ظرف وجيز استطاعت رياضة سباق الدراجات في عهدها الجديد أن تنفض عنها الغبار وتعود للواجهة، حيث يمكن القول ان سنة 2009 كانت سنة تألقها بامتياز على المستوى الإفريقي في انتظار دورة الألعاب الأولمبية المقررة بلندن عام 2012، والتي يعقد عليها المسؤولون آمالا عريضة لإعادة كتابة تاريخ «الأميرة الصغيرة». فقد نجحت رياضة سباق الدراجات في إيجاد موطىء قدم لها بين البلدان الرائدة في هذا المجال وخاصة على الصعيد الإفريقي، سواء من خلال فوز دراجيها بالعديد من السباقات على الطريق أو من خلال النجاح الذي لقيه تنظيم طواف المغرب، وأيضا على مستوى التمثيلية في الهيئات الرياضية القارية والدولية... وفي هذا الصدد يقول السيد محمد بلماحي رئيس الجامعة: ان المشاركة هذه السنة في سبعة طوافات تدخل ضمن برنامج الدوري الإفريقي، الذي أحدثه الاتحاد الدولي للدراجات، أكدت نجاح رياضة سباق الدراجات الوطنية في تكريس قيم المملكة المتمثلة بالخصوص في إشاعة السلام والمحبة والتقريب بين الشعوب».وأن العلم المغربي رفرف عاليا في سماء الغابون ومصر وتونس وناميبيا وبوركينا فاصو ورواندا، قبل أن يختتم رحلته الإفريقية بامتياز خلال الطواف الأول لإريتيريا، الذي احتل فيه الفريق الوطني حرف «باء» المركز الثاني في الترتيب العام... وبعيدا عن هذا فان قرار اللجنة الاولمبية المغربية منح الجامعة المغربية للدراجات 17 دراجة احترافية بمواصفات عالية الجودة اضافة الى مستلزمات الدراجين بقيمة 170 مليون سنتيم... لفيه ما فيه من الاعتراف والتشجيع لممارسي هذه الرياضة على النتائج التى حققوها في الآونة الاخيرة، ومساعدتهم وتقوية حضورهم أمام نظرائهم من افريقيا وأوربا من أجل كسب المزيد من النقاط المؤهلة للالعاب الاولمبية المقرر تنظيمها بلندن سنة 2012... أما اذا حاولنا تعداد الانجازات التي قدمتها رياضة سباق الدراجات ، فيمكن اجمال ذلك في تمكن الدراج عبد العاطي سعدون من الظفر بلقب أحسن رياضي للسنة التي ودعناها، بعد غياب دام أكثر من ربع قرن، منذ كان هناك البطل النجاري وجماعته، وهذا يعني أن رياضة الدراجات عرفت تألقا متصاعدا على حساب رياضيي رياضات أخرى أكثر حظوة من الناحية المالية ، في مقدمتها كرة القدم وألعاب القوى التي ظلت مسيطرة على الانجازات في السنوات الماضية .. وهكذا توج المغرب، في يناير الماضي، كأفضل فريق إفريقي في الدورة الرابعة للطواف الدولي للغابون «تروبيكال أميسا بونغو»، وانتزع عادل جلول القميص المخصص لأحسن دراج إفريقي في هذا الطواف... وفي شهر فبراير، أنهى المنتخب المغربي مراحل طواف مصر في المركز الثالث في الترتيب العام النهائي حسب الفرق ... وفي شهر أكتوبر، توج عبد العاطي سعدون بطلا لطواف تونس، فيما نال الفريق المغربي اللقب حسب الفرق ...وفي شهر نونبر ، كرس سعدون جاهزيته وتألقه عندما فاز بلقب الدورة ال23 لطواف بوركينا فاصو،حيث عاد قميص أفضل متسابق إفريقي لعبد العاطي سعدون (الفائز بلقب الطواف سنة 2002) والقميص المخصص لأفضل دراج يمتاز بالسرعة النهائية لعادل جلول وقميص أصغر دراج وناله محسن لحسايني، كما تمكن المغرب بفضل مشواره الناجح في الطوافات الإفريقية من احتلال صدارة الترتيب الإفريقي (دوري إفريقيا) وانتزاع المركز الثالث خلال البطولة الإفريقية التي احتضنتها العاصمة الناميبية ... واذا كنا قد استعرضنا كل هذا الذي حققه أبطال الدراجة المغربية خلال هذا الظرف الوجيز فانه لابد من الاشادة أيضا بالطاقم التقني المغربي مائة في المائة المتكون من المدير التقني الوطني مصطفى النجاري، والرحايلي وبن بويلة وأفندي على ما بذلوه ويبذلونه من مجهودات سواء مع المنتخب الوطني الأول المتكون أساسا من سعدون وجلول ولحسايني ومحمد سعيد عموري والشاعوفي وعدنان عربية، أو مع المنتخب الوطني النسوي ومع الطاقات الشابة الأخرى التي ستحمل المشعل مستقبلا ... كما أنه لا بد من التذكير في خضم كل هذا بالروح التي زرعت في طواف المغرب بعدما كان قد نسيه المغاربة ، مما جعل الدراجة المغربية تحوز ثقة الاتحاد الدولي للدراجات سواء من حيث زيارة رئيسه السيد بات ماكايد للمغرب، أو من حيث انتخاب الكاتب العام للجامعة السيد عبد الخالد خلدون، عضوا باللجنة التنفيذية للكونفدرالية الإفريقية وممثلا للقارة في الاتحاد الدولي لسباق الدراجات وهي أول مرة ينتخب فيها المغرب عضوا في هذه الهيئة الرياضية المسيرة التي تتشكل من ثمانية أعضاء، كما تم تعيين السيد لحسن بوطيب، سفيرا للاتحاد الدولي، على هامش أشغال المؤتمر العالمي ال178 بسويسرا ومنحه بالمناسبة وسام الاستحقاق اعترافا بالخدمات التي أسداها للدراجة المغربية بصفة خاصة والدولية بصفة عامة.كما تم بالمناسبة منح وسام الاستحقاق للصحفي الزميل عبد اللطيف الشريبي أحد قيدومي الإعلام الرياضي بالمغرب الذي تولى تغطية 21 طوافا للمغرب. كما أنه لا بد من الاشارة الى أنه من بين الأهداف التي تسعى إليها الجامعة في السنوات المقبلة هو الاستمرار في نشر هذه الرياضة بجميع ربوع المملكة ، بعدما تم خلق نوادي جديدة انضمت إلى الجامعة كالمغرب التطواني والجمعية السلاوية واتحاد الخميسات وآيت ملول وبنجرير والتي أصبحت تشارك بصفة منظمة في البطولات التي تنظمها الجامعة، كما استطاعت الجامعة خلق منتخب نسوي ومتنخب وطني في الرياضات الجبلية... وعلى أية حال هذا قليل من كثير نقوله في حق رياضة الدراجات التي تستحق أن تنال بحق لقب أفضل جامعة رياضية مغربية لسنة 2009، مع متمناتنا لها بمزيد من التألق والنتائج الايجابية لأبطالها الكبار، من غير أن ننسى الترحم على روحي الدراجين الكبيرين اللذين ودعانا هذا العام وهما كندورة الأشهب، الذي ينتمي إلى الجيل الذهبي لرياضة سباق الدراجات بالمغرب في عقدي الستينات والسبعينات والحاج بهلول، نائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات، وأحد الفائزين بإحدى مراحل طواف المغرب في نهاية الثلاثينات، وأحد مؤسسي الجامعة الملكية المغربية لسباق الدراجات بعد الاستقلال وأول مدرب ومدير تقني للمنتخب الوطني ، ومؤطر العديد من الأبطال المغاربة من بينهم محمد الكرش والمرحوم الفاروقي ومصطفى النجاري والرحايلي وبلقاضي وغيرهم من الأسماء التي زينت في السابق سماء رياضة سباق الدراجات الوطنية، فتحية لكل هؤلاء وعقبى للسنة التي دخلناها، التي ستتميز بطواف المغرب الثالث والعشرين بعد أسابيع قليلة من الآن.