قال مسؤول حزبي مغربي إن الجهود المبذولة على مستوى البلدان العربية والمغاربية من أجل تشجيع الشباب على الانخراط في العمل السياسي، ينبغي أن يواكبها تغيير في النظرة إلى هذه الفئة من المجتمع، من خلال التعامل معها بوصفها "الحل" عوض اعتبارها مجرد "مشكلة". وأوضح عضو المكتب السياسي للاتحاد الدستوري، إسماعيل حجي ،في مداخلة ساهم بها في الندوة الدولية حول (الشباب وتحديات اليوم)، المنعقدة حاليا بالعاصمة التونسية،أن هذا التوجه يتطلب وضع برامج محكمة، وفق مقاربة تشاركية قادرة على جعل الشباب جزءا من بناء المستقبل،انطلاقا من اختيارات يقررها بنفسه ويساهم في تنفيذها ويتحمل مسؤولياتها. وأضاف أن المنطقة العربية والمغاربية بصفة خاصة تعيش إشكالات مرتبطة بعزوف الشباب عن الانخراط في الفعل السياسي وتدبير الشأن العام ،على الرغم من المكانة التي تحتلها قضايا الشباب في اهتمامات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين على أعلى مستوى ، من حكومة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني . وأشار إلى أن الجميع أصبح يعي دور الشباب،كرافعة للتنمية وكعامل حاسم في صياغة المستقبل ،مذكرا بما شهده المغرب في السنين الأخيرة من مبادرات سياسية للاصلاح طالت مختلف المجالات بما في ذلك تشجيع المشاركة السياسية لدى الشباب. وأكد أن هذه المبادرات ،التي تسارعت وتيرتها ، تمثلت على الخصوص في إقرار مجموعة من التدابير الاصلاحية الشجاعة الرامية إلى تشريك الشباب في تدبير الشأن العام والحد من عزوفه عن الانخراط في العمل السياسي ،مشيرا إلى أنها تدابير همت المنظومة التعليمية، من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي للتعليم ومحاربة البطالة وغيرها. كما أشار إلى المبادرات الخاصة بتخفيض سن التصويت إلى 18 سنة وسن أهلية الترشيح إلى 21 سنة، بالإضافة إلى إحداث المعهد الوطني للشباب والديمقراطية من أجل المساهمة في تكوين منخرطي الأحزاب السياسية من فئة الشباب وتقوية حضوره في المشهد السياسي والحزبي ،كرافعة للمسيرة التنموية التي يعرفها المغرب. وفي هذا السياق أيضا ،أشار اسماعيل حجي إلى أن الأحزاب السياسية الوطنية، مساهمة منها في استثمار مؤهلات الشباب ودمجه في العمليات السياسية، بادرت إلى التنصيص في قوانينها الأساسية على ضرورة التوفر على نسب معينة للشباب والمرأة(تصل في بعض الاحزاب إلى 20 في المائة) كحد أدنى لتمثيلية الشباب والمرأة في هياكلها القيادية. غير أن المسؤول الحزبي المغربي ، اعتبر أنه رغم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه ،سواء على المستوى الرسمي أو الحزبي ،فان السياسات الشبابية المعتمدة لم تستطع الخروج بالشباب من هذه الوضعية ولم تتمكن من القضاء على المعوقات التي تحول دون المشاركة الفعالة للشباب في العمل السياسي،والمتمثلة في الفقر والبطالة والهجرة السرية. ويرى أن الرهان على انخراط الشباب في العمل السياسي يتطلب منح فرص أكبر للفاعلين السياسيين الشباب في مجال الممارسة الحزبية عبر ضمان تواجدهم في الهيئات التقريرية للأحزاب السياسية، وكذا تمكين الشباب من الحصول على انتدابات انتخابية خاصة على مستوى المؤسسة البرلمانية. وخلص إلى أن التأكيد على أن "مصالحة الشباب مع السياسة" رهين بالتوفر على رؤية شمولية لقضايا الشباب، من خلال وضع سياسة وطنية مندمجة ومقاربة تشاركية تعتمد أسس الحكامة والانخراط الواعي في العمل ضمن الأولويات الكبرى للوطن .