نظمت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية ، اليوم السبت بالرباط ، مائدة مستديرة حول موضوع "السبل القمينة بإعادة الاعتبار للغة العربية"، خصصت لتدارس العوائق والإكراهات التي تحول دون اضطلاع هذه اللغة بدورها كاملا في كافة المجالات المؤسساتية والمجتمعية. وفي كلمة بالمناسبة، أكد السيد محمد العربي المساري، وزير سابق، أن اللغة العربية التي تعد بمنطوق الدستور اللغة الرسمية للبلاد، "تتعرض لهجوم شرس" يحد من إشعاعها ونفوذها، وذلك في ظل واقع يتسم بهيمنة اللغة الفرنسية على حساب هذه اللغة، معتبرا أن المتتبع لمآل الوضع اللغوي في المغرب تتكون لديه قناعة "بأننا في طور الانتقال من بلد ثنائي إلى بلد أحادي اللغة"، متمثلة في اللغة الفرنسية. وفي هذا الصدد، دعا السيد المساري الفاعلين والمهتمين والمنظمات غير الحقوقية والمجتمع المدني إلى التعبئة وبذل كل المساعي الكفيلة بتغيير هذا الوضع ورد الاعتبار للغة الضاد والنأي عن التوظيف السياسي والظرفي لهذه المساعي. كما حذر من خطورة استعمال الفرنسية واللهجات العامية في الإعلانات والصحف والإعلام السمعي البصري، الذي يتم غالبا على حساب اللغة العربية، مقترحا ، في هذا الصدد ، توظيفا أوسع لهذه اللغة، يتم التنصيص عليه في دفتر التحملات الذي تضعه الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (هاكا). من جانبه، قدم السيد أحمد العراقي ، وزير سابق ، عرضا أبرز فيه أن هيمنة استعمال اللغة الفرنسية في الإعلام العمومي والقنوات الإذاعية، وكذا في المصالح والإدارات وعالم الاقتصاد ينتقص من الإرادة السياسية للمغرب في ما يخص نهج سياسة لغوية واضحة تروم بناء الإنسان المتشبع برصيده الثقافي والحضاري وقطع الطريق على عناصر التنافر بين مكونات هذه الهوية التي تعايشت وتلاقحت قرونا طويلة مع حضارات ولغات متعددة. وأضاف السيد العراقي أن التجارب التاريخية عبر العالم أظهرت أن العامل اللغوي يمكن أن يكون عامل تماسك اجتماعي، كما قد يكون عنصر تفرقة وتنافر، داعيا، في هذا الصدد، إلى ضرورة "التحكم في الأمن اللغوي للبلاد" من خلال تعزيز ثقافة الانتماء وتحصين الهوية من الاستلاب الفكري، في ظل التنوع الثقافي واللغوي للمغرب. واعتبر باقي المتدخلين أن اللغة العربية استطاعت أن تصمد على مدى قرون عدة في وجه التأثيرات الخارجية ومحاولات المستعمر الرامية إلى طمس معالمها واقتصار دورها على الجانب الديني والتاريخي وفك الارتباط بينها وبين أي دينامية اقتصادية أو اجتماعية أو تنموية لفائدة لغة المستعمر. ولإعادة الاعتبار للغة العربية، أجمع المتدخلون على ضرورة تشجيع الإبداع العلمي والأدبي باللغة العربية ومأسسة مشروع النهوض بهذه اللغة من خلال إحداث المزيد من مراكز البحث والأكاديميات ومعاهد الترجمة، واستفادة كتب الأطفال التي تصدر باللغة العربية من دعم وزارة الثقافة، وكذا من خلال سن سياسة ناجعة لمحو الأمية، على اعتبار أن هذه اللغة - يوضح المتدخلون - لا يمكن أن تتطور في بيئة توجد بها أمية.