( إعداد : يوسف صدوق ) - تواصلت مساء اليوم الجمعة فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الفيلم المغربي القصير بالرباط بعرض ثلة من المخرجين الشباب أعمالا سينمائية قصيرة سافرت بجمهورها لبرهة من الزمن إلى عوالم ومتاهات الحياة اليومية للمجتمع. وتحاكي الأفلام القصيرة المعروضة بقاعة الفن السابع ضمن مسابقة المهرجان، وفي ظرف زمني لا يتعدى العشرين دقيقة، مشاهد ومواقف متنوعة تستمد تيماتها من صميم الواقع المغربي، وأحيانا من جزئيات وتفاصيل موجزة المبنى وعميقة الدلالة. وهكذا، يروي الفيلم القصير "ضربة قلب" للمخرج محمد رايض المفتاحي قصة رسام يعقد عزمه أخيرا على بوح توهجه وعشقه لحبيبته التي كانت مرتبطة بشخص آخر دون أن يكون على بينة من الأمر. وما إن هم الرسام المتيم بالبوح عن حبه لمعشوقته، حتى تلقى ضربة موجعة من الشخص الآخر الذي ليس سوى ملاكم حاول الذوذ عن شرفه بدون مهل ولا كلل. أما الفيلم القصير "الطائرة الورقية" لمخرجه عز الدين الوافي، فيحكي قصة "علي" الذي يحب امرأتين في ذات الوقت، الأولى لمالها والثانية لذاتها. فبينما تكابد الثانية والشابة بعرق جبينها كالأمة، فإن الأولى والتي هي أيضا عمة الأولى في نفس الوقت، تستحوذ على مال الأولى كي تسلمه بدورها إلى "علي" فيما يبدو بمثابة حلقة مفرغة ستنتهي بالقضاء على الأولى. ويروي فيلم "الروح التائهة" لمخرجته جهان البحار قصة (مراد) الفنان الذي يرسم بورتريهات في حيه ويغوص في جحيم البؤس منزويا في غرفته وتائها في عوالم البورتريهات التي رسمها. وتتأرجح لحظات الوحدة التي عاشها بمعية هؤلاء بين محاورته تارة، والسجال فيما بينهم طورا، كما يتخلل ذلك لحظات مؤانسته ولاسيما نوازع جامحة لإماطة اللثام عما يخالج صدره. وبدوره، يحكي فيلم "الدري" لمخرجه عبد الغفار السالفي حياة طفل يتسكع في أزقة وشوارع مدينته، لكن في منأى عن كل أشكال الانحراف وفي مسعى دائم للحصول على قوته اليومي قبل أن يهجع في مرآب بالمدينة ومفترشا قطعة كرطونية بالية لا تكاد تفارقه أينما حل. وفي وسط عالم لا يرحمه بل يزدري به ويحتقره، يجد هذا الطفل ملاذه لدى شخص يملك مطعما متنقلا يناوله بين الحين والآخر ما يسد به رمقه. كما يروي فيلم "اختياري" لحسام الزماني قصة امرأة بسيطة وعادية ارتأت وضع حد لحياتها بعد أن حررت رسالة للذي قلب حياتها رأسا على عقب. وفي الرسالة تكشف الهالكة عن شبابها وأحلامها وعن انخداعها أيضا، كما تكشف من خلال ذلك واقع جيل بأكمله من النساء مكسرات القلب. ويحاكي فيلم "ولدي" لحكيم كبابي قصة رجل ميسور يحب زوجته حتى الجنون، لكنه يائس من إنجاب طفل بسبب عقمه. سافر الرجل إلى أوروبا لإجراء عملية التخصيب الاصطناعي التي كللت بمولود أدخل السعادة على الزوجين. ومع مرور السنين ونشوء الطفل في كنف أبويه، بدأ حب الأب يضعف ويتلاشى ولا سيما بعد أن لفت متسول انتباهه إلى عدم وجود شبه بينه وبين ولده. وإن ما يميز مهرجان الرباط للفيلم المغربي القصير الذي تتواصل دورته الأولى إلى غاية 23 أكتوبر الجاري تحت شعار "مصالحة الجمهور مع القاعات المظلمة"، أنه يشرك الجمهور من خلال التصويت الذي يتم في فترة العروض المسائية، إلى جانب لجنة التحكيم. وتتوزع عروض الأفلام على أربعة حصص، كل واحدة من ستة عروض سيتم انتقاء فيلمين من كل حصة للمرور إلى المراحل النهائية، بينما ستمر العروض الصباحية دون تصويت، لكنها ستتميز بفتح نقاش حول الأفلام بين النقاد والمهنيين وعشاق الفن السابع.