بالصوت والصورة، وبإصرار وإثارة كبيرين، تنقل ستة مخرجين شباب، من خلال ستة أعمال سينمائية قصيرة عرضت مساء أمس الخميس بقاعة الفن السابع، بجمهور مهرجان الفيلم المغربي القصير بالرباط في دورته الأولى، بين مشاهد من المعيش اليومي المغربي. قدمت هذه الأفلام القصيرة الستة، المعروضة ضمن مسابقة المهرجان، في أزمنة قياسية لا تتعدى العشرين دقيقة، مواضيع متنوعة اشتغل فيها مخرجوها على تيمات اختاروها من صميم الواقع المغربي، توزعت بين الحركة والواقعية التراجيدية والكوميديا الهزلية وبين التربوي التوجيهي التحسيسي. ومن بين هذه الأفلام القصيرة "الرصاصة الأخيرة" للمخرجة أسماء المدير و"النقل والعقل" للمخرج محمد المنصف القادري و"الحياة" للمخرج محمد نصرات، وهي أعمال جمعت بين الأداء الجيد للممثلين المحترفين والهواة، وجدية الأفكار التي قدمها المخرجون في قالب فني متميز. وحملت هذه الأشرطة القصيرة، التي حظيت بإعجاب الجمهور، شحنة تعبيرية عالية على الرغم من كون المدة الزمنية التي تؤطرها محدودة جدا، حيث لا تتجاوز فترة عرضها دقائق معدودات. كما أن سيناريوهات هذه الأعمال الفنية وظفت، إلى جانب الحوار والموسيقى التعبيرية، لغة الصورة الصامتة التي احتلت مساحة كبرى لإيصال معاني عميقة بطرق إيحائية ومعبرة، تم خلالها التطرق إلى قضايا من صميم المجتمع من قبيل "العنف" و"ظاهرة الغش". فقد جعل المخرجون الشباب من مشاهد أفلامهم لوحات مستقلة بذاتها، تجمع بين الجمالية النوعية والإبداع الحقيقي، واستطاعوا التعبير عن وجهات نظرهم بأسلوب فني مبتكر. ويحكي فيلم "الرصاصة الأخيرة" قصة "الطيب" وهو كاتب سيناريو خجول ومهمش من قبل أسرته وأصدقائه، يصاب في أحد الأيام بنوبة غضب ستدفعه إلى تفريغ رصاصات مسدس والده في الأشخاص الذين احتقروا موهبته وعاملوه بقسوة، غير أنه يحتفظ بالرصاصة الأخيرة لنفسه معتقدا أنها ستخلصه من معاناته. أما فيلم "النقل والعقل" فهو عمل فني يتطرق إلى ظاهرة الغش في قالب كوميدي ساخر، حيث يبرز كافة الوسائل والطرق التي يلجأ لها الطلبة للنجاح في الامتحانات بأسلوب غير مشروع، معبرا بذلك عن المشاكل التي تعاني منها المدرسة المغربية. في حين يروي فيلم "الحياة" قصة فريد الباحث في علم النباتات، الذي يتوصل في أحد الأيام بدعوة للقيام بتجاربه العلمية في معهد شهير بالخارج. وفي نفس اليوم تخبره زوجته إيمان أنها تنتظر مولودا، ليصاب بالارتباك، حيث يجد نفسه حائرا بين اختيار حياته العملية أو الشخصية، بين البقاء في وطنه من أجل أسرته أو المغادرة للخارج لتحقيق طموحه العلمي. وتطرق فيلم "الدخيل" للمخرج يوسف مزياني لقصة مناضلين شابين معتقلين، سينضاف إليهما في زنزانتهما سجين يدعى عبد العاطي سيعتبرانه دخيلا لغياب أي قاسم مشترك بينهم، في حين يروي فيلم "من أجل بضع شذرات إضافية" للمخرجة أمينة السعدي قصة "مارلا" التي تقدم منذ قرون شذراتها لفنانين يفتقرون للإلهام حيث تمكنهم من إنجاز إبداعتهم غير أنها تفقد هذه الموهبة بشكل مفاجئ سيغير مسار حياة الكثيرين. أما الشريط القصير الذي يحمل عنوان "بعض الأقدام لا تستطيع الرقص" للمخرج هشام اللدقي فيحكي قصة "خالد" الشاب المهمش الذي ستقوم باستغلاله عصابة لترويج المخدرات. وإن ما يميز مهرجان الرباط للفيلم المغربي القصير، أنه يشرك الجمهور من خلال التصويت الذي يتم في فترة العروض المسائية، إلى جانب لجنة التحكيم. وتتوزع عروض الأفلام على أربعة حصص، كل واحدة من ستة عروض سيتم انتقاء فيلمين من كل حصة للمرور إلى المراحل النهائية، بينما ستمر العروض الصباحية دون تصويت، لكنها ستتميز بفتح نقاش حول الأفلام بين النقاد والمهنيين وعشاق الفن السابع. وسيتم غدا عرض ستة أفلام قصيرة أخرى، ويتعلق الأمر ب`"كتاب الحياة" للمخرج محمد نصرات و"ألف درهم" للمخرجة زينب التوبالي و"حب مدرع" من إخراج يونس المومن و"أقتلني بهدوء" من إخراج أليكسي كارو و"أناروز" للمخرجة سامية بولقايد و"37 كلم" للمخرج عثمان الناصري.