دأب سكان مدينة وجدة على استقبال شهر رمضان الفضيل بعدد من العادات والتقاليد التي تعكس تشبث الأجيال المتعاقبة بالموروث الثقافي المتميز بالثراء والتنوع والحفاظ عليه. وإذا كان الطابع الديني والاجتماعي حاضرا بكثافة طيلة شهر التقوى والتعبد، فإن للجانب الثقافي والترفيهي مكانته أيضا ضمن السهرات الموسيقية التي تنظم بمختلف الفضاءات العمومية التي تم إعدادها في إطار التأهيل الحضري للمدينة. فبعد تناول وجبة الإفطار يرافق الأطفال الذين يرتدون الزي التقليدي آباءهم لأداء صلاة العشاء والتراويح، فيما يلتقي الأصدقاء في المقاهي. أما عشاق فن السماع والمديح فيجتمعون في جو احتفالي لإحياء ليالي روحانية. وإثر النجاح الذي لقيته الدورة الأولى من "ليالي السماع والمديح"، أعد منظمو هذه التظاهرة الثقافية هذه السنة برنامجا متنوعا يستلهم غناه من التراث الموسيقي الوطني ويأخذ بعين الاعتبار مفهوم القرب. ويجتمع سكان مدينة وجدة في الهواء الطلق بساحات "البريد" و"مسجد للا خديجة " و"الجوهرة" و"ابن رشد "وزيري بن عطية " لتذوق الموسيقى الجيدة والاستماع إلى أفضل الكلمات وأعذبها التي تبرز صفات الرسول الكريم والقيم النبيلة للدين الإسلامي. وبالنسبة للمنظمين (الجماعة الحضرية لوجدة بتنسيق مع المجلس العلمي المحلي) فإن الهدف يكمن في تنشيط الحركة الثقافية بالمدينة خلال هذا الشهر الفضيل لتوثيق الروابط الأسرية وأواصر الصداقة وترسيخ القيم النبيلة للتضامن. وتندرج هذه المبادرة أيضا في سياق الإسهام في الجهود الرامية إلى تحقيق إشعاع هذا المكون الهام من التراث الموسيقي والديني والحفاظ عليه وإغناء الساحة الثقافية على المستويات المحلية والجهوية والوطنية. كما يتمثل الطموح بالنسبة للمنظمين، الذين دعوا، في هذا الاطار، الفاعلين الاقتصاديين المحليين الى المساهمة المالية من أجل النهوض بهذا المشروع الثقافي والديني وتجسيده، "في جعل هذه الليالي تقليدا سنويا ومهرجانا للاشعاع الوطني يجتمع فيه المنشدون والمسمعون من مختلف مناطق المغرب". ويساهم في تنشيط فقرات هذه الدورة الثانية من الليالي الرمضانية مجموعات محلية منها "شباب محمد" و"الريان" و"الأحباب". وبمناسبة شهر رمضان أيضا، تنظم الجماعة الحضرية لوجدة والمجلس العلمي المحلي يوم 31 غشت الجاري مباراة في حفظ وتجويد القرآن الكريم مفتوحة في وجه المرشحين المتراوحة أعمارهم بين 10 سنوات و20 عاما.