صدر عن دار العين للنشر مؤخرا كتاب تحت عنوان "النقد والإبداع والواقع... نموذج سيد البحراوي" لمجموعة من الباحثين المغاربة وتقديم الباحث محمد مشبال، أستاذ البلاغة والنقد وتحليل الخطاب بكلية الآداب بتطوان. والكتاب محاولة لكسر طوق العزلة التي سادت زمنا طويلا بين المشرق والمغرب ، ويحتفي بالناقد والمبدع المصري سيد البحراوي ، الباحث والأكاديمي الذي عرف بجديته وجهوده في التأليف واختصاصه في دراسة البنية الإيقاعية في الشعر العربي، كما انه يعد من الكتاب المشارقة الذين عملوا على مد جسور التواصل بين المشرق والمغرب في مجال النقد والادب حيث شارك في العديد من الملتقيات التي نظمتها كلية الآداب بمدينة تطوان. ويعنى المؤلف بدراسة أعمال المحتفى به النقدية والإبداعية ورؤيته للواقع الأدبي والاجتماعي من خلال حوارات أجريت معه لدى زياراته المتعددة للمغرب. ويرى الباحث محمد مشبال، في المقدمة التي رصدها للحديث عن الدافع إلى إصدار هذا الكتاب، أن الممارسة النقدية في العقود الثلاثة الأخيرة تبنت العديد من المناهج والنظريات الأدبية واللسانية الغربية وذلك قصد تطبيقها على الأدب والثقافة العربيين. ولاحظ مشبال بهذا الخصوص أن هذه الظاهرة برزت في وقت وجيز تجاورت فيه مناهج متعددة ومتناقضة مسجلا أن الإقبال على هذه المناهج والنظريات أدى إلى الاهتمام بدراسة مبادئ النقد والإعراض عن التعامل مع النصوص الأدبية نفسها حيث أصبحت أسماء النقاد والمنظرين الغربيين أكثر رواجا من أسماء المبدعين العرب شعراء وروائيين. كما يشير إلي ظاهرة خطيرة في واقعنا الثقافي هي اختفاء مفهوم الناقد باعتباره أحد الفاعلين في الحركة الأدبية ،وابتعاده عن مهمته الأساس المتمثلة في الإسهام في تشكيل الوعي الأدبي والجمالي بل والاجتماعي للقراء ،فكانت النتيجة هي انعزال الناقد عن الحركة الأدبية ومواكبتها والنهوض لحل مشكلات النصوص الأدبية حتي يكون صلة وصل بينها وبين القراء والمتلقين. وإلى جانب مشبال، ساهم في الكتاب عدد من الباحثين المغاربة من أمثال محمد الامين المؤدب وعبد الرحيم جيران ومحمد المسعودي وعبد الجباري العلمي وآخرون ينتمون برأي مشبال إلى هذا الاتجاه النقدي العربي الأصيل الذي كان يمثله محمد مندور وشكري عياد ومحمود أمين العالم وغالي شكري.